واها وهل يغني الفتى * بكاء عين لا أثر يا حبذا ضيفك من * مفارق وإن غدر أين غزال داجن * رأى البياض فنفر هيهات رثم الرمل لا * يدنو إلى ذنب الخمر من بارع القول ومليحه قوله رحمه الله " ما كل بيض بغرر " ومثل ذلك قولهم ما كل بيضة شحمة، لأن بياض اللون قد يشترك فيه الممدوح والمذموم والمراد والمكروه.
والبيت الثاني معناه أن من باع الشباب وهو البهيم بالمشيب - وهو الأغر - فقد غبن. وموضع العجب أن الأغر أفضل وأنفس من البهيم، فكيف انعكس ذلك في الشيب والشباب.
ونظير هذا المعنى من شعري قولي:
إن البهيم من الشباب ألذ لي * فلتغذني أوضاحه وحجوله فأما قوله رحمه الله " صغره في أعين البيض بياض وكبر " فمن العجب أن يصغر الكبر، ونظير هذا البيت قول البحتري:
صغر قدري في الغانيات وما * صغر صبا تصغيره كبره وأما قوله " ما كان أغنى ذلك المفرق " فالليل لا يستغني عن القمر بل يفتقر إليه أشد فقر، إلا أن المشبه بالليل من الشباب مستغن عن المشبه بالقمر من ضوء المشيب. وهذا المعنى يمضي كثيرا في الشعر، وسيجئ منه في شعري ما أذكره في مواضعه بمشيئة الله.
وقوله رحمه الله " بكاء عين لا أثر " من مطبوع القول ومقبوله.