فأما قول المرتضى فإن ذلك غير جائز، لان مخالفة النص حرام، فقد قلنا: إن هذا مبنى على مسألة تخصيص العمومات الواردة في القرآن بالقياس.
وأما قوله: أي حاجة كانت لأبي بكر إلى عمر بعد وقوع البيعة، ولم يكن هناك تنازع ولا اختلاف! فعجيب، وهل كان لولا مقام عمر وحضوره في تلك المقامات يتم لأبي بكر أمر أو ينتظم له حال! ولولا عمر لما بايع على ولا الزبير، ولا أكثر الأنصار، والامر في هذا أظهر من كل ظاهر. وسابعها: أن من يصلح للإمامة ممن ضمه جيش أسامة يجب تأخرهم ليختار للإمامة أحدهم، فإن ذلك أهم من نفوذهم، فإذا جاز لهذه العلة التأخر قبل العقد جاز التأخر بعده للمعاضدة وغيرها.
فأما قول المرتضى: إن ذلك الجيش لم يضم من يصلح للإمامة، فبناء على مذهبه في أن كل من ليس بمعصوم لا يصلح للإمامة. فأما قوله: ولو صح ذلك لم يكن عذرا في التأخر، لان من خرج في الجيش يمكن أن يختار ولو كان بعيدا، ولا يمكن بعده من صحه الاختيار، فلقائل أن يقول: دار الهجرة هي التي فيها أهل الحل والعقد، وأقارب رسول الله (صلى الله عليه وآله) والقراء وأصحاب السقيفة، فلا يجوز العدول عن الاجتماع والمشاورة فيها إلى الاختيار على البعد، وعلى جناح السفر من غير مشاركة من ذكرنا من أعيان المسلمين.
فأما قوله: ولو صح هذا العقد لكان عذرا في التأخر قبل العقد، فأما بعد إبرامه فلا عذر فيه، فلقائل أن يقول: إذا أجزت التأخر قبل العقد لنوع من المصلحة فأجز التأخر بعد العقد لنوع آخر من المصلحة، وهو المعاضدة والمساعدة.