ترك إقامة الحد عليه، وزعم أنه سيف من سيوف الله سله الله على أعدائه، مع أن الله تعالى قد أوجب القود وحد الزنا عموما، وأن عمر نبهه وقال له: اقتله، فإنه قتل مسلما.
أجاب قاضي القضاة فقال: إن شيخنا أبا على قال: إن الردة ظهرت من مالك بن نويرة، لأنه جاء في الاخبار أنه رد صدقات قومه عليهم لما بلغه موت رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما فعله سائر أهل الردة فاستحق القتل، فإن قال: قائل: فقد كان يصلى، قيل له: وكذلك سائر أهل الردة، وإنما كفروا بالامتناع من الزكاة، واعتقادهم إسقاط وجوبها دون غيره.
فإن قيل: فلم أنكر عمر؟ قيل: كان الامر إلى أبى بكر، فلا وجه لانكار عمر، وقد يجوز أن يعلم أبو بكر من الحال ما يخفى على عمر. فإن قيل: فما معنى ما روى عن أبي بكر من أن خالدا تأول فأخطأ، قيل: أراد عجلته عليه بالقتل، وقد كان الواجب عنده على خالد أن يتوقف للشبهة. واستدل أبو علي على ردته، بأن أخاه متمم بن نويرة لما أنشد عمر مرثيته أخاه قال له: وددت أنى أقول الشعر فأرثي أخي زيدا بمثل ما رثيت به أخاك! فقال متمم: لو قتل أخي على مثل ما قتل عليه أخوك ما رثيته، فقال عمر: ما عزاني أحد بمثل تعزيتك فدل هذا على أن مالكا لم يقتل على الاسلام كما قتل زيد.
وأجاب عن تزويج خالد بامرأته بأنه إذا قتل على الردة في دار الكفر جاز تزويج امرأته عند كثير من أهل العلم، وإن كان لا يجوز أن يطأها إلا بعد الاستبراء.
وحكى عن أبي على أنه إنما قتله لأنه ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " صاحبك "، وأوهم بذلك أنه ليس بصاحب له، وكان عنده أن ذلك ردة وعلم عند المشاهدة