كان أدعى إلى نجاته من قريش، وسلامة نفسه وبلوغ الغرض من نبذ العهد على يده ألا ترى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عمره الحديبية بعث عثمان بن عفان إلى مكة يطلب منهم الاذن له في الدخول، وإنما بعثه لأنه من بنى عبد مناف، ولم يكن بنو عبد مناف - وخصوصا بنى عبد شمس - ليمكنوا من قتله، ولذلك حمله بنو سعيد ابن العاص على بعير يوم دخل مكة وأحدقوا به مستلئمين بالسلاح، وقالوا له: أقبل وأدبر، ولا تخف أحدا، بنو سعيد أعزه الحرم. وأما القول في تولية رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر الصلاة، فقد تقدم، وما رامه قاضي القضاة من الفرق بين صلاة أبى بكر بالناس وصلاة عبد الرحمن بهم، مع كون رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى خلفه ضعيف، وكلام المرتضى أقوى منه. فأما السؤال الذي سأله المرتضى من نفسه فقوى، والجواب الصحيح أن بعث براءة مع أبي بكر كان باجتهاد من الرسول (صلى الله عليه وآله) ولم يكن عن وحى ولا من جملة الشرائع التي تتلقى عن جبرائيل (عليه السلام)، فلم يقبح نسخ ذلك قبل تقضى وقت فعله، وجواب المرتضى ليس بقوي، لأنه من البعيد أن يسلم سورة براءة إلى أبى بكر ولا يقال له: ما ذا تصنع بها؟ بل يقال: خذ هذه معك لا غير.
والقول بأن الكلام مشروط بشرط لم يظهر خلاف الظاهر، وفتح هذا الباب يفسد كثيرا من القواعد.
* * * الطعن السادس إن أبا بكر لم يكن يعرف الفقه وأحكام الشريعة، فقد قال في الكلالة (2): أقول