الطعن الخامس قالوا: إنه (صلى الله عليه وآله) لم يول أبا بكر الأعمال وولى غيره ولما ولاه الحج بالناس وقراءة سورة براءة على الناس، عزله عن ذلك كله. وجعل الامر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقال: " لا يؤدي عنى إلا أنا أو رجل منى "، حتى يرجع أبو بكر إلى النبي (صلى الله عليه وآله).
أجاب قاضي القضاة فقال: لو سلمنا أنه لم يوله، لما دل ذلك على نقص، ولا على أنه لم يصلح للإمارة والإمامة، بل لو قيل: إنه لم يوله لحاجته إليه بحضرته، وإن ذلك رفعة له لكان أقرب، لا سيما، وقد روى عنه ما يدل على أنهما وزيراه، وأنه كان (صلى الله عليه وآله) محتاجا إليهما، وإلى رأيهما، فلذلك لم يولهما، ولو كان للعمل على تركه فضل لكان عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وغيرهما أفضل من أكابر الصحابة، لأنه (عليه السلام) ولاهما وقدمهما، وقد قدمنا أن توليته هي بحسب الصلاح، وقد يولى المفضول على الفاضل تارة والفاضل أخرى، وربما ولى الواحد لاستغنائه عنه بحضرته، وربما ولاه لاتصال بينه وبين من يولى عليه، إلى غير ذلك. ثم ادعى أنه ولى أبا بكر على الموسم والحج قد ثبتت بلا خلاف بين أهل الأخبار ولم يصح أنه عزله ولا يدل رجوع أبى بكر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) مستفهما عن القصة على العزل، ثم جعل إنكار من أنكر حج أبى بكر في تلك السنة بالناس، كإنكار عباد وطبقته أخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) سورة براءة من أبى بكر. وحكى عن أبي على أن المعنى كان في أخذ السورة من أبى بكر أن من عاده العرب أن سيدا من سادات قبائلهم إذا عقد عقد القوم، فإن ذلك العقد لا ينحل إلا أن يحله هو أو بعض سادات قومه، فلما كان هذا عادتهم وأراد النبي (صلى الله عليه وآله) أن ينبذ (1) إليهم عقدهم، وينقض ما كان بينه وبينهم علم