فأما قول قاضي القضاة: لعله أراد حقا للأنصار غير الإمامة نفسها، فليس بجيد، والذي اعترضه به المرتضى جيد، فإن الكلام لا يدل إلا على الإمامة نفسها، ولفظة المنازعة تؤكد ذلك.
وأما حديث الهجوم على بيت فاطمة (عليها السلام) فقد تقدم الكلام فيه، والظاهر عندي صحة ما يرويه المرتضى والشيعة، ولكن لا كل ما يزعمونه، بل كان بعض ذلك، وحق لأبي بكر أن يندم ويتأسف على ذلك، وهذا يدل على قوة دينه وخوفه من الله تعالى، فهو بأن يكون منقبة (1) له أولى من كونه طعنا عليه.
فأما قول قاضي القضاة: أن من اشتد التكليف عليه فقد يتمنى خلافه واعتراض المرتضى عليه، فكلام قاضي القضاة أصح وأصوب، لان أبا بكر - وإن كانت ولايته - مصلحة وولاية غير مفسدة - فإنه ما يتمنى أن يكون الامام غيره، مع استلزام ذلك للمفسدة، بل تمنى أن يلي الامر غيره وتكون المصلحة بحالها، ألا ترى أن خصال الكفارة في اليمين كل واحدة منها مصلحة وما عداها لا يقوم مقامها في المصلحة، وأحدها يقوم مقام الأخرى في المصلحة! فأبو بكر تمنى أن يلي الامر عمر أو أبو عبيدة بشرط أن تكون المصلحة الدينية التي تحصل من بيعته حاصلة من بيعة كل واحد من الآخرين.
* * * الطعن الثالث قالوا: إنه ولى عمر الخلافة، ولم يوله رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا .