اعتقد أن ذلك مثل الماهيات المركبة، نحو العشرة إذا عدم منها واحد زال مسمى العشرة، وليس الامر كذلك، يبين ذلك أنه لو قال بعض الملوك لمائة إنسان: أنتم جيشي، ثم قال لواحد منهم: إذا مت فأعط كل واحد من جيشي درهما من خزانتي، فقد جعلتك أميرا عليهم لم يكن له أن يأخذ لنفسه درهما، ويقول: أنا من جملة الجماعة الذين أطلق عليهم لفظة الجيش.
ومنها قول قاضي القضاة: هذه القضية تدل على أنه لم يكن هناك إمام منصوص عليه، وأما قول المرتضى: فقد بينا أن الخطاب إنما توجه إلى الحاضرين لا إلى القائم بالامر بعده، فلم نجد في كلامه في هذا الفصل بطوله ما بين فيه ذلك، ولا أعلم على ماذا أحال! ولو كان قد بين - على ما زعم - أن الخطاب متوجه إلى الحاضرين، لكان الاشكال قائما، لأنه يقال له: إذا كان الامام المنصوص عليه حاضرا عنده فلم وجه الخطاب إلى الحاضرين!
ألا ترى أنه لا يجوز أن يقول الملك للرعية: اقضوا بين هذين الشخصين والقاضي حاضر عنده، إلا إذا كان قد عزله عن القضاء في تلك الواقعة عن الرعية!
فأما قول المرتضى: هذا ينقلب عليكم، فليس ينقلب، وإنما ينقلب لو كان يريد تنفيذ الجيش بعد موته فقط، ولا يريده وهو حي، فكان يجئ ما قاله المرتضى لينفذ القائم بالامر بعدي جيش أسامة، فأما إذا كان يريد نفوذ الجيش من حين ما أمر بنفوذه فقد سقط القلب، لان الخليفة حينئذ لم يكن قد تعين، لان الاختيار ما وقع بعد، وعلى مذهب المرتضى الامام متعين حاضر عنده نصب عينه، فافترق الوصفان.
* * * ومنها قول قاضي القضاة: إن مخالفه أمره (صلى الله عليه وآله) في النفوذ مع الجيش أو في انفاذ الجيش لا يكون معصية وبين ذلك من وجوه: