فان الرجال يتعرضون لفراسات الولاة بتصنعهم وحسن حديثهم وليس وراء ذلك من النصيحة والأمانة شئ، ولكن اختبرهم بما ولوا للصالحين قبلك، فاعمد لأحسنهم كان في العامة أثرا، وأعرفهم بالأمانة وجها، فإن ذلك دليل على نصيحتك لله، ولمن وليت أمراه.
واجعل لرأس كل أمر من أمورك رأسا منهم، لا يقهره كبيرها، ولا يتشتت عليه كثيرها، ومهما كان في كتابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته.
* * * [فصل فيما يجب على مصاحب الملك] الشرح:
لما فرغ من أمر الخراج، شرع في أمر (1) الكتاب الذين يلون أمر الحضرة، ويترسلون عنه إلى عماله وأمرائه، وإليهم معاقد التدبير وأمر الديوان، فأمره أن يتخير الصالح منهم، ومن يوثق على الاطلاع على الاسرار والمكايد والحيل والتدبيرات.
ومن لا يبطره الاكرام والتقريب، فيطمع فيجترئ على مخالفته في ملا من الناس والرد عليه، ففي ذلك من الوهن للأمير وسوء الأدب الذي انكشف الكاتب عنه ما لا خفاء به.
قال الرشيد للكسائي: يا علي بن حمزة، قد أحللناك المحل الذي لم تكن تبلغه همتك، فرونا من الاشعار أعفها، ومن الأحاديث أجمعها لمحاسن الأخلاق وذاكرنا بآداب الفرس والهند، ولا تسرع علينا الرد في ملا، ولا تترك تثقيفنا في خلاء.
وفي آداب ابن المقفع: لا تكونن صحبتك للسلطان إلا بعد رياضة منك لنفسك على .