ورابعها: أنه (عليه السلام) ترك حرب معاوية في بعض الحالات، ولم يوجب ذلك أن يكون عاصيا، فكذلك أبو بكر في ترك النفوذ في جيش أسامة.
فأما قول المرتضى: إن عليا (عليه السلام) كان مأمورا بحرب معاوية مع التمكن ووجود الأنصار، فإذا عدما لم يكن مأمورا بحربه، فلقائل أن يقول: وأبو بكر كان مأمورا بالنفوذ في جيش أسامة مع التمكن ووجود الأنصار، وقد عدم التمكن لما استخلف، فإنه قد تحمل أعباء الإمامة وتعذر عليه الخروج عن المدينة، التي هي دار الإمامة، فلم يكن مأمورا الحال هذه بالنفوذ في جيش أسامة.
فإن قلت: الاشكال عليكم إنما هو من قبل الاستخلاف، كيف جاز لأبي بكر أن يتأخر عن المسير؟ وكيف جاز له أن يرجع إلى المدينة وهو مأمور بالمسير؟ وهلا نفذ لوجهه ولم يرجع، وإن بلغه موت رسول الله (صلى الله عليه وآله). قلت لعل أسامة أذن له، فهو مأمور بطاعته، ولأنه رأى أسامة وقد عاد باللواء فعاد هو لأنه لم يكن يمكنه أن يسير إلى الروم وحده، وأيضا فإن أصحابنا قالوا: إن ولاية أسامة بطلت بموت النبي (صلى الله عليه وآله)، وعاد الامر إلى رأى من ينصب للامر، قالوا: لان تصرف أسامة إنما كان من جهة النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم زال تصرف النبي (صلى الله عليه وآله) بموته، فوجب أن يزول تصرف أسامة لان تصرفه تبع لتصرف الرسول (صلى الله عليه وآله). قالوا: وذلك كالوكيل تبطل وكالته بموت الموكل، قالوا: ويفارق الوصي لان ولايته لا تثبت إلا بعد موت الموصى، فهو كعهد الامام إلى غيره لا يثبت إلا بعد موت الامام ثم فرع أصحابنا على هذا الأصل مسألة وهي: الحاكم هل ينعزل بموت الامام أم لا قال قوم من أصحابنا: لا ينعزل وبنوه على أن التولي من غير جهة الامام يجوز، فجعلوا الحاكم نائبا عن المسلمين أجمعين، لا عن الامام،