وإكباره قول من يذهب إلى أن أبا بكر عزل عن أداء السورة والموسم جميعا، وجمعه بين ذلك في البعد وبين إنكار عباد أن يكون أمير المؤمنين (عليه السلام) ارتجع سوره براءة من أبى بكر، فأول ما فيه أنا لا ننكر أن يكون أكثر الاخبار واردة بأن أبا بكر حج بالناس في تلك السنة إلا أنه قد روى قوم من أصحابنا خلاف ذلك، وأن أمير المؤمنين عليه السلام كان أمير الموسم في تلك السنة، وإن عزل الرجل كان عن الامرين معا.
واستكبار ذلك. وفيه خلاف لا معنى له، فأما ما حكاه عن عباد فإنا لا نعرفه، وما نظن أحدا يذهب إلى مثله، وليس يمكنه بإزاء ذلك جحد مذهب أصحابنا الذي حكيناه، وليس عباد لو صحت الرواية عنه بإزاء من ذكرناه، فهو ملئ بالجهالات ودفع الضرورات.
وبعد، فلو سلمنا أن ولاية الموسم لم تفسخ لكان الكلام باقيا، لأنه إذا كان ما ولى مع تطاول الزمان إلا هذه الولاية ثم سلب شطرها، والأفخم الأعظم منها، فليس ذلك إلا تنبيها على ما ذكرناه.
فأما ما حكاه عن أبي على من أن عادة العرب ألا يحل ما عقده الرئيس منهم إلا هو أو المتقدم من رهطه، فمعاذ الله أن يجرى النبي (صلى الله عليه وآله) سنته وأحكامه على عادات الجاهلية، وقد بين (عليه السلام) لما رجع إليه أبو بكر يسأله عن اخذ السورة منه الحال، فقال أنه أوحى إلى ألا يؤدى عنى إلا أنا أو رجل منى، ولم يذكر ما ادعاه أبو علي، على أن هذه العادة قد كان يعرفها النبي (صلى الله عليه وآله) قبل بعثه أبا بكر بسورة براءة فما باله لم يعتمدها في الابتداء ويبعث من يجوز أن يحل عقده من قومه!
فأما ادعاؤه ولاية أبى بكر الصلاة فقد ذكرنا فيما تقدم أنه لم يوله إياها. فأما فصله بين صلاته خلف عبد الرحمن وبين صلاه أبى بكر بالناس، فليس بشئ، لأنا إذا كنا قد دللنا على أن الرسول (صلى الله عليه وآله) ما قدم أبا بكر إلى الصلاة، فقد