وقال الحارث بن هشام: وا ثكلاه! ليتني مت قبل هذا اليوم قبل أن أسمع بلالا ينهق فوق الكعبة!
وقال الحكم بن أبي العاص: هذا والله الحدث العظيم، أن يصيح عبد بنى جمح، يصيح بما يصيح به على بيت أبى طلحة، وقال سهيل بن عمرو، إن كان هذا سخطا من الله تعالى فسيغيره، وإن كان لله رضا فسيقره، وقال أبو سفيان أما أنا فلا أقول شيئا، لو قلت شيئا لأخبرته هذه الحصباء، قال: فأتى جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره مقالة القوم.
قال الواقدي: فكان سهيل بن عمرو يحدث فيقول: لما دخل محمد مكة انقمعت فدخلت بيتي وأغلقته على، وقلت لابني عبد الله بن سهيل: أذهب فاطلب لي جوارا من محمد، فإني لا آمن أن أقتل، وجعلت أتذكر أثرى عنده وعند أصحابه فلا أرى أسوا أثرا منى، فإني لقيته يوم الحديبية بما لم يلقه أحد به، وكنت الذي كاتبه، مع حضوري بدرا وأحدا، وكلما تحركت قريش كنت فيها، فذهب عبد الله بن سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله، أبى تؤمنه! قال: نعم، هو آمن بأمان الله، فليظهر، ثم التفت إلى من حوله فقال: من لقي سهيل بن عمرو فلا يشدن النظر إليه، ثم قال: قل له: فليخرج، فلعمري إن سهيلا له عقل وشرف، وما مثل سهيل جهل الاسلام، ولقد رأى ما كان يوضع فيه إن لم يكن له تتابع، فخرج عبد الله إلى أبيه فأخبره بمقالة رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال سهيل: كان والله برا صغيرا وكبيرا، وكان سهيل يقبل ويدبر غير خائف، وخرج إلى خيبر مع النبي صلى الله عليه وآله وهو على شركه حتى أسلم بالجعرانة.
تم الجزء السابع عشر من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ويليه الجزء الثامن عشر