ليكونوا ردءا لهم فوافوا الأنقاب وعليها المسلمون، فأرسلوا إلى أبى بكر بالخبر، فأرسل إليهم أن الزموا مكانكم ففعلوا، وخرج أبو بكر في جمع من أهل المدينة على النواضح، فانتشر العدو بين أيديهم، واتبعهم المسلمون على النواضح حتى بلغوا ذا حسي فخرج، عليهم الكمين بأحناء (1) قد نفخوها وجعلوا، فيها الحبال، ثم دهدهوها بأرجلهم في وجوه الإبل، فتدهده (2) كل نحى منها في طوله (3) فنفرت إبل المسلمين، وهم عليها - ولا تنفر الإبل من شئ نفارها من الأنحاء فعاجت بهم لا يملكونها حتى دخلت بهم المدينة، ولم يصرع منهم أحد ولم يصب، فبات المسلمون تلك الليلة يتهيئون، ثم خرجوا على تعبية، فما طلع الفجر إلا وهم والقوم على صعيد واحد، فلم يسمعوا للمسلمين حسا ولا همسا حتى وضعوا فيهم السيف، فاقتتلوا أعجاز ليلتهم، فما ذر قرن الشمس إلا وقد ولوا الادبار وغلبوهم على عامة ظهرهم، ورجعوا إلى المدينة ظافرين (4).
قلت: هذا هو الحديث الذي أشار عليه السلام إلى أنه نهض فيه أيام أبى بكر. وكأنه جواب عن قول قائل: إنه عمل لأبي بكر، وجاهد بين يدي أبى بكر، فبين عليه السلام عذره في ذلك، وقال: إنه لم يكن كما ظنه القائل، ولكنه من باب دفع الضرر عن النفس والدين، فإنه واجب سواء كان للناس إمام أو لم يكن.
[ذكر ما طعن به الشيعة في امامة أبى بكر والجواب عنها] وينبغي حيث جرى ذكر أبى بكر في كلام أمير المؤمنين عليه السلام أن نذكر ما أورده قاضي القضاة في " المغني " من المطاعن التي طعن بها فيه وجواب قاضي القضاة .