[عهد سابور بن أردشير لابنه] وقد وجدت في عهد سابور بن أردشير إلى ابنه كلاما يشابه كلام أمير المؤمنين عليه السلام في هذا العهد، وهو قوله:
واعلم أن قوام أمرك بدرور الخراج، ودرور الخراج بعمارة البلاد وبلوغ الغاية في ذلك استصلاح أهله بالعدل عليهم، والمعونة لهم، فان بعض الأمور لبعض سبب، وعوام الناس لخواصهم عدة، وبكل صنف منهم إلى الاخر حاجة، فاختر لذلك أفضل من تقدر عليه من كتابك، وليكونوا من أهل البصر والعفاف والكفاية، واسترسل إلى كل امرئ منهم شخصا (1) يضطلع به ويمكنه تعجيل الفراغ منه، فإن اطلعت على أن أحدا منهم خان أو تعدى فنكل به، وبالغ في عقوبته، واحذر أن تستعمل على الأرض الكثير خراجها إلا البعيد الصوت، العظيم شرف المنزلة. ولا تولين أحدا من قواد جندك الذين هم عده للحرب، وجنة من الأعداء، شيئا من أمر الخراج، فلعلك تهجم من بعضهم على خيانة في المال، أو تضييع للعمل، فإن سوغته المال، وأغضيت له على التضييع، كان ذلك هلاكا وإضرارا بك وبرعيتك، وداعية إلى فساد غيره، وإن أنت كافأته فقد استفسدته، وأضقت (2) صدره، وهذا أمر توقيه حزم، والاقدام عليه خرق والتقصير فيه عجز.
واعلم أن من أهل الخراج من يلجئ بعض أرضه وضياعه إلى خاصة الملك وبطانته، لأحد أمرين أنت، حرى بكراهتهما: إما لامتناع من جور العمال وظلم الولاة، وتلك منزله يظهر بها سوء أثر العمال وضعف الملك وإخلاله بما تحت يده، وإما للدفع عما يلزمهم .