أنه لا ينحل ذلك إلا به أو بسيد من سادات رهطه فعدل عن أبي بكر إلى أمير المؤمنين المقرب في النسب. ثم ادعى أنه (صلى الله عليه وآله) ولى أبا بكر في مرضه الصلاة، وذلك أشرف الولايات، وقال في ذلك: يأبى الله ورسوله والمسلمون إلا أبا بكر.
ثم اعترض نفسه بصلاته (عليه السلام) خلف عبد الرحمن بن عوف: وأجاب بأنه (صلى الله عليه وآله) إنما صلى خلفه لا أنه ولاه الصلاة وقدمه فيها. قال: وإنما قدم عبد الرحمن عند غيبة النبي (صلى الله عليه وآله) فصلى بغير أمره، وقد ضاق الوقت، فجاء النبي (صلى الله عليه وآله) فصلى خلفه.
اعترض المرتضى فقال: قد بينا أن تركه (صلى الله عليه وآله) الولاية لبعض أصحابه مع حضوره وإمكان ولايته والعدول عنه إلى غيره، مع تطاول الزمان وامتداده، لابد من أن تقتضي غلبة الظن بأنه لا يصلح للولاية، فأما ادعاؤه أنه لم يوله لافتقاره إليه بحضرته وحاجته إلى تدبيره ورأيه، فقد بينا أنه (عليه السلام) ما كان يفتقر إلى رأى أحد لكماله ورجحانه على كل أحد، وإنما كان يشاور أصحابه على سبيل التعليم لهم والتأديب، أو لغير ذلك مما قد ذكر. وبعد فكيف استمرت هذه الحاجة، واتصلت منه إليهما حتى لم يستغن في زمان من الأزمان عن حضورهما فيوليهما! وهل هذا إلا قدح في رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونسبته إلى أنه كان ممن يحتاج إلى أن يلقن ويوقف على كل شئ، وقد نزهه الله تعالى عن ذلك! فأما ادعاؤه أن الرواية قد وردت بأنهما وزيراه فقد كان يجب أن يصحح ذلك قبل أن يعتمده ويحتج به، فإنا ندفعه عنه أشد دفع. فأما ولاية عمرو بن العاص وخالد بن الوليد فقد تكلمنا عليها من قبل، وبينا أن ولايتهما تدل على صلاحهما لما ولياه، ولا تدل على صلاحهما للإمامة لان شرائط الإمامة لم تتكامل فيهما، وبينا أيضا أن ولاية المفضول على الفاضل لا تجوز، فأما تعظيمه