الأصل:
ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية:
أما بعد فإن الله سبحانه جعل الدنيا لما بعدها، وابتلى فيها أهلها، ليعلم أيهم أحسن عملا، ولسنا للدنيا خلقنا، ولا بالسعي فيها أمرنا، وإنما وضعنا فيها لنبتلى بها، وقد ابتلاني الله بك وابتلاك بي، فجعل أحدنا حجة على الاخر، فغدوت على طلب الدنيا بتأويل القرآن، وطلبتني بما لم تجن يدي ولا لساني، وعصبته أنت وأهل الشام بي، وألب عالمكم جاهلكم، وقائمكم قاعدكم.
فاتق الله في نفسك، ونازع الشيطان قيادك، وأصرف إلى الآخرة وجهك، فهي طريقنا وطريقك، واحذر أن يصيبك الله منه بعاجل قارعة تمس الأصل، وتقطع الدابر، فإني أولى لك بالله إليه غير فاجرة، لئن جمعتني وإياك جوامع الاقدار لا أزال بباحتك، (حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين).
* * * الشرح:
قال عليه السلام: إن الله قد جعل الدنيا لما بعدها "، أي جعلها طريقا إلى الآخرة.
ومن الكلمات الحكمية: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها. وابتلى فيها أهلها أي اختبرهم ليعلم أيهم أحسن عملا، وهذا من ألفاظ القرآن العزيز، والمراد ليعلم خلقه،