يسأل هل لهم حق في الإمامة أم لا؟ لان الإمامة قد يتعلق بها حقوق سواها. ثم دفع الرواية المتعلقة ببيت فاطمة (عليه السلام)، وقال: فأما تمنيه أن يبايع غيره، فلو ثبت لم يكن ذما لان من اشتد التكليف عليه فهو يتمنى خلافه (1).
* * * اعترض المرتضى رحمه الله هذا الكلام فقال: ليس يجوز أن يقول أبو بكر: " ليتني كنت سألت عن كذا ". إلا مع الشك والشبهة، لان مع العلم واليقين (2) لا يجوز مثل هذا القول، هكذا يقتضى الظاهر، فأما قول إبراهيم (عليه السلام)، فإنما ساغ أن يعدل ظاهره لأن الشك لا يجوز على الأنبياء، ويجوز على غيرهم، على أنه (عليه السلام) قد نفى عن نفسه الشك بقوله: (بلى ولكن ليطمئن قلبي)، وقد قيل، إن نمرود قال له: إذا كنت تزعم أن لك ربا يحيى الموتى فاسأله أن يحيى لنا ميتا إن كان على ذلك قادرا، فإن لم تفعل ذلك قتلتك، فأراد بقوله: (ولكن ليطمئن قلبي)، أي لآمن توعد عدوك لي بالقتل، وقد يجوز أن يكون طلب ذلك لقومه وقد سألوه أن يرغب إلى الله تعالى فيه فقال: ليطمئن قلبي إلى إجابتك لي، وإلى إزاحة علة قومي، ولم يرد: ليطمئن قلبي إلى أنك تقدر على أن تحيى الموتى، لان قلبه قد كان بذلك مطمئنا، وأي شئ يريد أبو بكر من التفضيل أكثر من قوله: " إن هذا الامر لا يصلح إلا لهذا الحي من قريش "! وأي فرق بين ما يقال عند الموت وبين ما يقال قبله إذا كان محفوظا معلوما، لم ترفع كلمة ولم تنسخ!
وبعد، فظاهر الكلام لا يقتضى (3) هذا التخصيص، ونحن مع الاطلاق والظاهر.
وأي حق يجوز أن يكون للأنصار في الإمامة غير أن يتولاها رجل منهم حتى يجوز أن يكون الحق الذي تمنى أن يسأل عنه غير الإمامة! وهل هذا إلا تعسف وتكلف!
.