لا خلاف بين المسلمين أن الحسين (عليه السلام) كان يصلح للإمامة وإن لم يوله أبوه الولايات، وفي مثل ذلك خلاف من حال عمر، فافترق الأمران. فاما قوله: إنه لم يعثر على عمر بتقصير في الولاية، فمن سلم بذلك! أو ليس يعلم أن مخالفته تعد تقصيرا كثيرا، ولو لم يكن إلا ما اتفق عليه من خطئه في الاحكام ورجوعه من قول إلى غيره، واستفتائه الناس في الصغير والكبير، وقوله كل الناس أفقه من عمر، لكان فيه كفاية. وليس كل النهوض بالإمامة يرجع إلى حسن التدبير والسياسة الدنياوية ورم الأعمال والاستظهار في جباية الأموال وتمصير الأمصار ووضع الأعشار، بل حظ الإمامة من العلم بالأحكام والفتيا بالحلال والحرام، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه أقوى، فمن قصر في هذا لم ينفعه أن يكون كاملا في ذلك.
فأما قوله: فهلا دل ما روى من قوله (عليه السلام): " فان وليتم عمر وجدتموه قويا في أمر الله قويا في بدنه "، فهذا لو ثبت لدل، وقد تقدم القول (1) عليه، وأقوى ما يبطله عدول أبى بكر عن ذكره، والاحتجاج به لما أراد النص على عمر، فعوتب على ذلك وقيل له ما تقول لربك إذ وليت علينا فظا غليظا! فلو كان صحيحا لكان يحتج به ويقول:
وليت عليكم من شهد النبي (صلى الله عليه وآله) بأنه قوى في أمر الله، قوى في بدنه.
وقد قيل في الطعن على صحة هذا الخبر: إن ظاهره يقتضى تفضيل عمر على أبى بكر، والاجماع بخلاف ذلك، لان القوة في الجسم فضل قال الله تعالى: (إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم) (2). وبعد فكيف يعارض ما اعتمدناه من عدوله (عليه السلام) عن ولايته - وهو أمر معلوم - بهذا الخبر المردود المدفوع!.
قلت: أما ما ادعاه من عادة الملوك، فالامر بخلافه، فإنا قد وقفنا على سير الأكاسرة وملوك الروم وغيرهم فما سمعنا أن أحدا منهم رشح ولده .