للملك بعده باستعماله على طرف من الأطراف، ولا جيش من الجيوش، وإنما كانوا يثقفونهم بالآداب والفروسية في مقار ملكهم لا غير والحال في ملوك الاسلام كذلك، فقد سمعنا بالدولة الأموية، ورأينا الدولة العباسية، فلم نعرف الدولة التي ادعاها المرتضى، وإنما قد يقع في الأقل النادر شئ مما أشار إليه، والأغلب الأكثر خلاف ذلك، على أن أصحابنا لا يقولون إن عمر كان مرشحا للخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليقال لهم: فلو كان قد رشحه للخلافة بعده لاستكفاه كثيرا من أموره، وإنما عمر مرشح عندهم في أيام أبى بكر للخلافة بعد أبي بكر، وقد كان أبو بكر استعمله على القضاء مدة خلافته، بل كان هو الخليفة في المعنى، لأنه فوض إليه أكثر التدبير، فعلى هذا يكون قد سلمنا أن ترك استعمال النبي (صلى الله عليه وآله) لعمر يدل على أنه غير مرشح في نظره للخلافة بعده، وكذلك نقول: ولا يلزم من ذلك ألا يكون خليفة بعد أبي بكر، على أنا لا نسلم أنه ما استعمله، فقد ذكر الواقدي وابن إسحاق أنه بعثه في سرية في سنة سبع من الهجرة إلى الوادي المعروف ببرمة - بضم الباء وفتح الراء - وبها جمع من هوازن، فخرج ومعه دليل من بنى هلال، وكانوا يسيرون الليل ويكمنون النهار، وأتى الخبر هوازن فهربوا، وجاء عمر محالهم، فلم يلق منهم أحدا، فانصرف إلى المدينة.
ثم يعارض المرتضى بما ذكره قاضي القضاة من ترك تولية على ابنه الحسين (عليهما السلام)، وقوله في العذر عن ذلك: إن عليا (عليه السلام) كان ممنوا بحرب البغاة والخوارج لا يدفع المعارضة، لان تلك الأيام التي هي أيام حروبه مع هؤلاء هي الأيام التي كان ينبغي أن يولى الحسين (عليه السلام) بعض الأمور فيها، كاستعماله على جيش ينفذه سرية إلى بعض الجهات، واستعماله على الكوفة بعد خروجه منها إلى حرب صفين، أو استعماله على القضاء،