وليس اشتغاله بالحرب بمانع له عن ولاية ولده، وقد كان مشتغلا بالحرب، وهو يولى بنى عمه العباس الولايات والبلاد الجليلة فأما قوله: على أنه قد نص عليه بالإمامة بعد أخيه الحسن، فهذا يغنى عن توليته شيئا من الأعمال، فلقائل أن يمنع ما ذكره من حديث النص، فإنه أمر تنفرد به الشيعة وأكثر أرباب السير والتواريخ لا يذكرون أن أمير المؤمنين (عليه السلام) نص على أحد. ثم إن ساغ له ذلك ساغ لقاضي القضاة ان يقول: إن قول النبي (صلى الله عليه وآله) : " اقتدوا باللذين من بعدي: أبى بكر وعمر " يغنى عن تولية عمر شيئا من الولايات، لان هذا القول آكد من الولاية في ترشحه للخلافة.
فأما قوله: على أنه لا خلاف بين المسلمين في صلاحية الحسين للخلافة وإن لم يوله أبوه الولايات، وفى عمر خلاف ظاهر بين المسلمين، فلقائل أن يقول له:
إجماع المسلمين على صلاحية الحسين للخلافة لا يدفع المعارضة، بل يؤكدها، لأنه إذا كان المسلمون قد أجمعوا على صلاحيته للخلافة ولم يكن ترك توليه أبيه إياه الولايات قادحا في صلاحيته لها بعده، جاز أيضا أن يكون ترك تولية رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمر الولايات في حياته غير قادح في صلاحيته للخلافة بعده.
ثم ما ذكره من تقصير عمر في الخلافة بطريق اختلاف أحكامه، ورجوعه إلى فتاوى العلماء، فقد ذكرنا ذلك فيما تقدم لما تكلمنا في مطاعن الشيعة على عمر وأجبنا عنه.
واما قوله: لا يغنى حسن التدبير والسياسة ورم الأمور، مر القصور في الفقه، فأصحابنا يذهبون إلى أنه إذا تساوى اثنان في خصال الإمامة إلا أنه كان أحدهما اعلم والاخر: