من أعماله البتة إلا ما ولاه يوم خيبر، فرجع منهزما وولاه الصدقة، فلما شكاه العباس عزله.
أجاب قاضي القضاة بأن تركه (عليه السلام) أن يوليه لا يدل على أنه لا يصلح لذلك، وتوليته إياه لا يدل على صلاحيته للإمامة، فإنه (صلى الله عليه وآله) قد ولى خالد بن الوليد وعمرو بن العاص، ولم يدل ذلك على صلاحيتهما للإمامة وكذلك تركه أن يولى لا يدل على أنه غير صالح، بل المعتبر بالصفات التي تصلح للإمامة، فإذا كملت صلح لذلك، ولى من قبل أو لم يول، وقد ثبت أن النبي (صلى الله عليه وآله) ترك أن يولى أمير المؤمنين (عليه السلام) أمورا كثيره ولم يجب إلا من يصلح لها، وثبت أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يول الحسين (عليه السلام) ابنه، ولم يمنع ذلك من أن يصلح للإمامة، وحكى عن أبي على أن ذلك إنما كان يصح أن يتعلق به لو ظفروا بتقصير من عمر فيما تولاه، فأما وأحواله معروفة في قيامه بالامر حين يعجز غيره، فكيف يصح ما قالوه! وبعد فهلا دل ما روى من قوله: وإن تولوا عمر تجدوه قويا في أمر الله، قويا في بدنه على جواز ذلك! وإن ترك النبي (صلى الله عليه وآله) توليته، لان هذا القول أقوى من الفعل (1).
اعترض المرتضى رحمه الله فقال: قد علمنا بالعادة أن من ترشح لكبار الأمور لابد من أن يدرج إليها بصغارها، لان من يريد بعض الملوك تأهيله للامر من بعده لابد من أن ينبه عليه بكل قول وفعل يدل على ترشيحه لهذه المنزلة، ويستكفيه من أمور ولآياته (2) ما يعلم عنده أو يغلب على ظنه صلاحه لما يريده له. وإن من يرى الملك مع حضوره وامتداد الزمان وتطاوله لا يستكفيه شيئا من الولايات، ومتى ولاه عزله وإنما يولى غيره ويستكفي سواه، لابد أن يغلب في الظن أنه ليس بأهل للولاية، وإن جوزنا أنه لم يوله لأسباب كثيرة سوى أنه لا يصلح للولاية، إلا أن مع هذا التجويز لا بد أن .