يغلب على الظن بما ذكرناه. فأما خالد وعمرو فإنما لم يصلحا للإمامة لفقد شروط الإمامة فيهما، وإن كانا يصلحان لما ولياه من الامارة فترك الولاية مع امتداد الزمان وتطاول الأيام، وجميع الشروط التي ذكرناها تقتضي غلبه الظن لفقد الصلاح والولاية لشئ (1) لا تدل على الصلاح لغيره إذا كانت الشرائط في القيام بذلك الغير معلوما فقدها. وقد نجد الملك يولى بعض أموره من لا يصلح للملك بعده لظهور فقد الشرائط فيه، ولا يجوز أن يكون بحضرته من يرشحه للملك بعده، ثم لا يوليه على تطاول الزمان شيئا من الولايات فبان الفرق بين الولاية وتركها فيما ذكرناه.
فأما أمير المؤمنين (عليه السلام) وإن يتول جميع أمور النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته، فقد تولى أكثرها وأعظمها وخلفه في المدينة، وكان الأمير على الجيش المبعوث إلى خيبر، وجرى الفتح على يديه بعد انهزام من انهزم منها، وكان المؤدى عنه سورة براءة بعد عزل من عزل عنها وارتجاعها، منه، إلى غير ذلك من عظيم الولايات والمقامات بما يطول شرحه ولو لم يكن إلا أنه لم يول عليه واليا قط لكفى.
فأما اعتراضه بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يول الحسين فبعيد عن الصواب، لان أيام أمير المؤمنين (عليه السلام) لم تطل فيتمكن فيها من مراداته، وكانت على قصرها منقسمة بين قتال الأعداء، لأنه (عليه السلام) لما بويع لم يلبث أن خرج عليه أهل البصرة فاحتاج إلى قتالهم، ثم انكفأ من قتالهم إلى قتال أهل الشام، وتعقب ذلك قتال أهل النهروان، ولم تستقر به الدار ولا امتد به الزمان، وهذا بخلاف أيام النبي (صلى الله عليه وآله) التي تطاولت وامتدت، على أنه قد نص عليه بالإمامة بعد أخيه الحسن، وإنما تطلب الولايات لغلبة الظن بالصلاح للإمامة.
فإن كان هناك وجه يقتضى العلم بالصلاح لها كان أولى من طريق الظن، على أنه .