أحد في أوامر الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) بالشرائع المصلحة وانتفاء المفسدة.
وشرطوا في ذلك التمكن ورفع التعذر، ولو كان الامام منصوصا عليه بعينه واسمه لما جاز أن يسترد جيش أسامة، بخلاف ما ظنه، ولا يعزل من ولاه (عليه السلام) ولا يولى من عزله للعلة التي ذكرناها.
فأما استدلال أبى على على أن أبا بكر لم يكن في الجيش بحديث الصلاة، فأول ما فيه أنه اعتراف بأن الامر بتنفيذ الجيش كان في الحياة دون بعد الوفاة، وهذا ناقض لما بنى صاحب الكتاب عليه أمره (عليه السلام).
ثم إنا قد بينا أنه (عليه السلام) لم يوله الصلاة وذكرنا ما في ذلك. ثم ما المانع من أن يوليه تلك الصلاة إن كان ولاه إياها ثم يأمره بالنفوذ من بعد مع الجيش! فإن الامر بالصلاة في تلك الحال لا يقتضى أمره بها على التأبيد.
وأما ادعاؤه أن النبي (صلى الله عليه وآله) يأمر بالحروب وما يتصل بها عن اجتهاد دون الوحي، فمعاذ الله أن يكون صحيحا، لان حروبه (عليه السلام) لم تكن مما يختص بمصالح أمور الدنيا، بل للدين فيها أقوى تعلق، لما يعود على الاسلام وأهله بفتوحه من العز والقوة وعلو الكلمة. وليس يجرى ذلك مجرى أكله وشربه ونومه، لان ذلك لا تعلق له بالدين، فيجوز أن يكون عن رأيه، ولو جاز أن تكون مغازيه وبعوثه مع التعلق القوى لها بالدين عن اجتهاد لجاز ذلك في الاحكام.
ثم لو كان ذلك عن اجتهاد لما ساغت مخالفته فيه بعد وفاته، كما لا تسوغ في حياته.
فكل علة تمنع من أحد الامرين هي مانعة من الاخر. فأما الاعتذار له عن حبس عمر عن الجيش بما ذكره فباطل، لأنا قد قلنا إن ما يأمر به (عليه السلام) لا يسوغ مخالفته مع الامكان، ولا مراعاة لما عساه يعرض فيه من رأى غيره، وأي حاجة إلى عمر بعد تمام العقد، واستقراره ورضا الأمة به، على طريق (1) المخالف وإجماعها عليه، ولم يكن