(ليس كل أمري) أي ليس كل خدمة من خدماتي التي خدمت بها النبي صلى الله عليه وسلم (كما يشتهي صاحبي) أي النبي صلى الله عليه وسلم (أن يكون) أي أمري (عليه) أي على ما يشتهي أي مما يكون موافقا لما يشتهيه صاحبي. يريد به النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان منها ما يكون مخالفا لما يشتهيه صلى الله عليه وسلم ومع ذلك لم يقل في شئ مما خالف ما يشتهيه في مدة الخدمة وهي عشر سنين كلمة أف قط، وهذا من كمال خلقه الجميل (ما قال لي فيها) أي في مدة خدمتي وهي عشر سنين (أف) قال الحافظ:
الأف كل مستقذر من وسخ كقلامة الظفر وما يجري مجراها، ويقال ذلك لكل مستخف به، ويقال أيضا عند تكره الشئ وعند التضجر من الشئ. وفي أف عدة لغات الحركات الثلاث بغير تنوين وبالتنوين وهذا كله مع ضم الهمزة والتشديد. قال وفيها لغات كثيرة (أم) بفتح الهمزة وسكون الميم بمعنى أو (ألا) بفتح الهمزة والتشديد بمعنى هلا. والحديث سكت عنه المنذري.
(فإذا قام قمنا) أي لانفضاض المجلس لا للتعظيم لأنهم ما كانوا يقومون له مقبلا فكيف يقومون له مدبرا (قياما) أي وقوفا ممتدا (حتى نراه قد دخل بعض بيوت أزواجه) ولعلهم كانوا ينتظرون رجاء أن يظهر له حاجة إلى أحد معهم أو يعرض له رجوع إلى الجلوس معهم، فإذا أيسوا تفرقوا ولم يقعدوا لعدم حلاوة الجلوس بعده صلى الله عليه وسلم (فجبذه) أي جذبه (بردائه) أي ردائه صلى الله عليه وسلم (فحمر) من التحمير، وهذا من عادة جفاة العرب وخشونتهم وعدم تهذيب أخلاقهم.
وقيل لعله كان من المؤلفة ولهذا قال ما قال (فالتفت) أي النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأعرابي: (فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا) أي لا أحمل لك من مالي (وأستغفر الله) أي إن كان الأمر على خلاف ذلك. قال