قال العيني: احتج به الشافعي وأحمد وإسحاق وأهل الظاهر على أن حد السكران أربعون سوطا. وقال ابن حزم وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن بن علي وعبد الله بن جعفر رضي الله عنه وبه يقول الشافعي وأبو سليمان وأصحابنا. وقال الحسن البصري والشعبي وأبو حنيفة ومالك وأبو يوسف ومحمد وأحمد في رواية ثمانون سوطا. وروي ذلك عن علي وخالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان انتهى. قال في الفتح: وقد استقر الاجماع على ثبوت حد الخمر وأن لا قتل فيه، واستمر الاختلاف في الأربعين والثمانين وذلك خاص بالحر المسلم وأما الذمي فلا يحد فيه (فلما ولي عمر) بتشديد اللام على صيغة المجهول وبتخفيف اللام المكسورة على صيغة المعروف من الولاية أي ملك أمر الناس وقام به (دعا الناس) أي الصحابة (قد دنوا من الريف) في النهاية: الريف كل أرض فيها زرع ونخل، وقيل هو ما قارب الماء من أرض العرب ومن غيرها انتهى. وقال النووي: الريف المواضع التي فيها المياه أو هي قرية منها، ومعناه لما كان زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفتحت الشام والعراق وسكن الناس في الريف ومواضع الخصب وسعة العيش وكثرة الأعناب والثمار أكثروا من شرب الخمر فزاد عمر في حد الخمر تغليظا عليهم وزجرا لهم عنها (فقال له) أي لعمر (نرى أن تجعله) أي حد الخمر (كأخف الحدود) يعني المنصوص عليها في القرآن وهي حد السرقة بقطع اليد، وحد الزنا جلد مائة، وحد القذف ثمانون وهو أخف الحدود. قال النووي: هكذا هو في مسلم وغيره أن عبد الرحمن بن عوف هو الذي أشار بهذا. وفي الموطأ وغيره أنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكلاهما صحيح وأشارا جميعا، ولعل عبد الرحمن بدأ بهذا القول فوافقه علي وغيره فنسب ذلك في رواية إلى عبد الرحمن رضي الله عنه لسبقه به، ونسب في رواية إلى علي رضي الله عنه لفضيلته وكثرة علمه ورجحانه على عبد الرحمن رضي الله عنه، وفي هذا جواز القياس واستحباب مشاورة القاضي والمفتي أصحابه وحاضري مجلسه في الأحكام (فجلد) عمر (فيه) أي في حد الخمر. قال المنذري: والحديث أخرجه مسلم بتمامه. وأخرج البخاري المسند وفعل الصديق فقط وأخرج ابن ماجة المسند منه فقط (أنه) أي النبي صلى الله عليه وسلم (جلد بالجريد) معناه بالفارسية شاخ خرما (ضرب بجريدتين نحو أربعين) قال النووي: اختلفوا في معناه، فأصحابنا يقولون معناه أن الجريدتين كانتا مفردتين جلد بكل واحدة منهما عددا حتى كمل من
(١١٦)