فكأنهم قد حصلوا مقصود الشيطان. وقال البيضاوي: لا تدعوا عليه بهذا الدعاء فإن الله إذا أخزاه استحوذ عليه الشيطان، أو لأنه إذا سمع منكم انهمك في المعاصي وحمله اللجاج والغضب على الإصرار فيصير الدعاء وصلة ومعونة في إغوائه وتسويله قاله القسطلاني ويستفاد من هذا الحديث منع الدعاء على العاصي بالإبعاد عن رحمة الله كاللعن. قال المنذري:
والحديث أخرجه البخاري.
(بإسناده) السابق (ومعناه) أي الحديث السابق (قال) الراوي (فيه) أي في هذا الحديث (بكتوه) بتشديد الكاف من التبكيت وهو التوبيخ والتعيير باللسان وقد فسر في الحديث بقوله (فأقبلوا عليه) بفتح الهمزة والموحدة ماض من الإقبال أي توجهوا إليه (ما اتقيت الله) أي مخالفته (ما خشيت الله) أي ما لاحظت عظمته أو ما خفت عقوبته (وما استحييت من رسول الله) أي من ترك متابعته أو مواجهته ومقابلته (ثم أرسلوه) أي الشارب (وقال) الراوي (في آخره) أي الحديث (اللهم اغفر له) أي بمحو المعصية (اللهم ارحمه) أي بتوفيق الطاعة أو اغفر له في الدنيا وارحمه في العقبى (وبعضهم) أي بعض الرواة (يزيد الكلمة) في حديثه (ونحوها) أي نحو هذه الكلمة وهي اللهم اغفر له وهو معطوف على قوله اللهم اغفر له. والحديث سكت عنه المنذري.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد) لعل فيه تجريدا أي أمر بالضرب (في الخمر) أي في شاربها أو التقدير جلد شارب الخمر لأجل شربها (بالجريد) وهو جمع جريدة وهي السعفة سميت بها لكونها مجردة عن الخوص وهو ورق النخل (والنعال) بكسر أوله جمع النعل وهو ما يلبس في الرجل، والمعنى أنه ضربه ضربا من غير تعيين عدد وهذا مجمل بينته الرواية الآتية التي رواها ابن أبي عروبة عن قتادة (وجلد) أي ضرب (أبو بكر أربعين) أي جلدة أو ضربة. قال السندي:
أي كانوا يكتفون على أربعين أيضا في زمانهما إلا أنهم ما كانوا يزيدون عليه قط انتهى.