(لعبد الله بن جعفر) الطيار (أقم عليه) أي على الوليد (فأخذ) عبد الله (السوط فجلده) أي الوليد (وعلي يعد) ضربات السوط (فلما بلغ) الجلاد (أربعين) سوطا (قال) علي مخاطبا لعبد الله (حسبك) وفي رواية لمسلم فقال أمسك (وكل سنة) أي كل واحد من الأربعين والثمانين سنة.
وقال الخطابي: وقوله وكل سنة يقول إن الأربعين سنة قد عمل بها النبي صلى الله عليه وسلم في زمانه، والثماني سنة قد عمل بها عمر رضي الله عنه في زمانه انتهى.
وقال في الفتح: وأما قول علي وكل سنة فمعناه أن الاقتصار على الأربعين سنة النبي صلى الله عليه وسلم فصار إليه أبو بكر والوصول إلى الثمانين سنة عمر ردعا للشاربين الذين احتقروا العقوبة الأولى انتهى.
وقال النووي: معناه أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر سنة يعمل بها وكذا فعل عمر ولكن فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر أحب إلي (وهذا أحب إلي) إشارة إلى الأربعين التي كان جلدها وقال لجلاد حسبك، ومعناه هذا الذي قد جلدته وهو الأربعون أحب إلي من الثمانين.
قال في الفتح: قال صاحب المفهم وحاصل ما وقع من استنباط الصحابة أنهم أقاموا السكر مقام القذف لأنه لا يخلوا عنه غالبا فأعطوه حكمه، وهو من أقوى حجج القائلين بالقياس، فقد اشتهرت هذه القصة ولم ينكرها في ذلك الزمان منكر انتهى.
وتمسك من قال لا يزاد على الأربعين بأن أبا بكر تحرى ما كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فوجده أربعين فعمل به، ولا يعلم له في زمنه مخالف، فإن كان السكوت إجماعا فهذا الإجماع سابق على ما وقع في عهد عمر والتمسك به أولى لأن مستنده فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم رجع إليه علي ففعله في زمن عثمان بحضرته وبحضرة من كان عنده من الصحابة منهم عبد الله بن جعفر الذي باشر ذلك والحسن بن علي، فإن كان السكوت إجماعا فهذا هو الأخير فينبغي ترجيحه، وتمسك من قال بجواز الزيادة بما صنع في عهد عمر من الزيادة، ومنهم من أجاب عن الأربعين بأن المضروب كان عبدا وهو بعيد، فاحتمل الأمرين أن يكون حدا أو تعزيرا.
وتمسك من قال بجواز الزيادة على الثمانين تعزيرا بما تقدم في الصيام أن عمر حد الشارب في رمضان ثم نفاه إلى الشام، وبما أخرجه ابن أبي شيبة أن عليا جلد النجاشي الشاعر ثمانين، ثم أصبح فجلده عشرين بجراءته بالشرب في رمضان انتهى.