رضي الله عنه قال " كان في بني إسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الدية فقال الله لهذه الأمة * (كتب عليكم القصاص في القتلى) * إلى هذه الآية * (فمن عفي له من أخيه شئ) * قال ابن عباس فالعفو أن يقبل الدية في العمد.
قال المنذري: والحديث أخرجه ابن ماجة مختصرا وفي إسناده محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام عليه انتهى كلامه.
(باب ولي العمد يأخذ الدية) أي هذا باب في بيان أن ولي المقتول بالقتل العمد يأخذ الدية ويرضى بها.
(سمعت أبا شريح) بالتصغير (الكعبي) هو أبو شريح خويلد بن عمرو الكعبي العدوي الخزاعي أسلم قبل الفتح ومات بالمدينة سنه ثمان وستين روى عنه جماعة وهو مشهور بكنيته (ألا) [بفتح الهمزة واللام المخففة وهي كلمة تنبيه تدل على تحقق ما بعدها وتأتي لمعان أخر] (خزاعة) بضم الخاء المعجمة وبالزاي وهي قبيلة كانوا غلبوا على مكة وحكموا فيها ثم أخرجوا منها فصاروا في ظاهرها وهذا من تتمة خطبته صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وكانت خزاعة قتلوا في تلك الأيام رجلا من قبيلة بني هذيل بقتيل لهم في الجاهلية، فأدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ديته لإطفاء الفتنة بين الفئتين (هذا القتيل) أي المقتول (من هذيل) بالتصغير (وإني عاقله) أي مؤد ديته من العقل وهو الدية سميت به لأن إبلها تعقل بفناء ولي الدم أو لأنها تعقل أي تمنع دم القاتل عن السفك (فأهله) أي وارث القتيل (بين خيرتين) بكسر ففتح ويسكن أي اختيارين، والمعنى مخير بين أمرين. وقال بعض شراح المصابيح: الخيرة الإثم من الاختيار (بين أن يأخذوا) أي أولياء المقتول (العقل) أي الدية من عاقلة القاتل (أو يقتلوا) أي قاتله.
قال الخطابي: فيه بيان أن الخيرة إلى ولي الدم في القصاص وأخذ الدية، وأن القاتل إذا قال لأعطينكم المال فاستفيدوا ذلك مني واختار أولياء الدم المال كان لهم مطالبته به، ولو قتله جماعة كان لولي الدم أن يقتل منهم من شاء ويطالب بالدية من شاء، وإلى هذا ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق.