قلت: قال السيوطي فيها بعد الإشارة إلى عدة أحاديث هكذا فهذه بضعة عشر حديثا كلها صحيحة صريحة في قتله بالرابعة وليس لها معارض صريح، وقول من قال بالنسخ لا يعضده دليل.
وقولهم إنه صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد شرب بالرابعة فضربه ولم يقتله لا يصلح لرد هذه الأحاديث لوجوه، الأول أنه مرسل إذ راوية قبيصة ولد يوم الفتح فكان عمره عند موته صلى الله عليه وسلم سنتين وأشهرا فلم يدرك شيئا يرويه.
الثاني: أنه لو كان متصلا صحيحا لكانت تلك الأحاديث مقدمة عليه لأنها أصح وأكثر.
الثالث: أن هذه واقعة عين لا عموم لها.
والرابع: أن هذا فعل والقول مقدم عليه لأن القول تشريع عام والفعل قد يكون خاصا.
الخامس: أن الصحابة خصوا في ترك الحدود بما لم يخص به غيرهم فلأجل ذلك لا يفسقون بما يفسق به غيرهم خصوصية لهم، وقد ورد بقصة نعمان لما قال عمر أخزاه الله ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تطعنه فإنه يحب الله ورسوله، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم من باطنه صدق محبته لله ورسوله، فأكرمه بترك القتل، فله صلى الله عليه وسلم أن يخص من شاء بما شاء من الأحكام فلا أقبل هذا الحديث إلا بنص صريح من قوله صلى الله عليه وسلم وهو لا يوجد.
وقد ترك عمر إقامة حد الخمر على فلان لأنه من أهل بدر، وقد ورد فيهم: " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " وترك سعد بن أبي وقاص إقامته على أبي محجن لحسن بلائه في قتال الكفار فالصحابة رضي الله عنهم جميعا جديرون بالرخصة إذا بدت من أحدهم زلة.
وأما هؤلاء المدمنون للخمر الفسقة المعروفون بأنواع الفساد، وظلم العباد، وترك الصلاة، ومجاوزة أحكام الشرعية، وإطلاق أنفسهم بحال سكرهم بالكفريات وما قاربها فإنهم يقتلون بالرابعة لا شك فيه ولا ارتياب.
وقول المصنف لا نعلم خلافا رده حق بأن الخلاف ثابت محكي عن طائفة، فروى أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص فقال ائتوني برجل أقيم عليه حد الخمر فإن لم أقتله فأنا كذاب.
ومن وجه آخر عنه: ائتوني بمن شرب خمرا في الرابعة ولكم علي أن أقتله انتهى كلام السيوطي.
قال الزيلعي قال الترمذي: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث أبي صالح عن