ويدفع شره (فليقرأ عليه بفواتح سورة الكهف) أي أوائلها (فإنها جواركم) بكسر الجيم أي أمانكم (وما لبثه) بفتح لام وسكون موحدة أي ما قدر مكثه وتوقفه (قال أربعون يوما يوم) أي من تلك الأربعين (كسنة) أي في الطول (وسائر أيامه) أي بواقي أيامه قال النووي قال العلماء: هذا الحديث على ظاهره وهذه الأيام الثلاثة طويلة على هذا القدر المذكور في الحديث، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم وسائر أيامه كأيامكم انتهى. قلت فما قيل المراد منه أن اليوم الأول لكثرة عموم المؤمنين وشدة بلاء اللعين يرى لهم كالسنة، وفي اليوم الثاني يهون كيده ويضعف مبتدأ أمره فيرى كشهر، والثالث يرى كجمعه لأن الحق في كل وقت يزيد قدرا والباطل ينقص حتى ينمحق أثرا أو لأن الناس كلما اعتادوا بالفتنة والمحنة يهون عليهم إلى أن تضمحل شدتها مردود وباطل (أقدروا له قدره) قال القاري نقلا عن بعض الشراح أي أقدروا الوقت صلاة يوم في يوم كسنة مثلا قدره أي قدره الذي كان له في سائر الأيام كمحبوس اشتبه عليه الوقت انتهى. وقال النووي: معنى أقدروا له قدره أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين الظهر كل يوم فصلوا الظهر ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر فصلوا العصر وإذا مضى بعد هذا قدر ما يكون بينها وبين المغرب فصلوا المغرب وكذا العشاء والصبح ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب وهكذا حتى ينقضي ذلك اليوم وقد وقع فيه صلوات سنة فرائض كلها مؤادة في وقتها. وأما الثاني الذي كشهر والثالث الذي كجمعة فقياس اليوم الأول أي يقدر لهما كاليوم على ما ذكرناه انتهى. وقال القاضي وغيره: هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع قالوا ولولا هذا الحديث ووكلنا إلى اجتهادنا لاقتصرنا فيه على الصلوات الخمس عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام نقله النووي (عند المنارة البيضاء شرقي دمشق) المنارة بفتح الميم. قال النووي: وهذه المنارة موجودة اليوم شرقي دمشق انتهى.
وفي مرقاة الصعود للسيوطي قال الحافظ عماد الدين بن كثير قد جدد بناء منارة في زماننا في سنة إحدى وأربعين وسبع مائة من حجارة بيض وكان بناؤها من أموال النصارى الذين حرقوا المنارة التي كانت مكانها، ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة حيث قيض الله تعالى بناء هذه المنارة البيضاء من أموال النصارى لينزل عيسى عليه السلام (شرقي) بالنصب على الظرفية وهو مضاف إلى (دمشق) بكسر الدال وفتح الميم وتكسر (فيدركه) أي يدرك عيسى عليه السلام