ومن تابعهما من أن الحناء والكتم إذا خلطا جاء اللون أسود لأن الرجل قد خضب الحناء والكتم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أثنى عليه، فعلم أن لونه لم يكن بالأسود الخالص لأنه اللون الأسود منهي عنه والله أعلم.
ويدل على أن الخضب بالصفرة أحب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأحسن في عينه من الحناء على انفراده ومع الكتم.
قال المنذري: وأخرجه ابن ماجة وفي حديث ابن ماجة قال وكان طاؤس يصفر في إسناده حميد بن وهب القرشي الكوفي. قال البخاري حميد بن وهب القرشي الكوفي عن ابن طاؤس في الخضاب منكر الحديث، روى عنه محمد بن طلحة الكوفي كان ممن يخطئ حتى خرج عن حد التعديل ولم يغلب خطؤه صوابه حتى استحق الترك وهو ممن يحتج به إلا بما انفرد.
(باب ما جاء في خضاب السواد) (يخضبون) بكسر الضاد المعجمة أي يغيرون الشعر الأبيض من الشيب الواقع في الرأس واللحية (بالسواد) أي باللون الأسود (كحواصل الحمام) أي كصدورها فإنها سود غالبا وأصل الحوصلة المعدة والمراد هنا صدره الأسود قال الطيبي معناه كحواصل الحمام في الغالب لأن حواصل بعض الحمامات ليست بسود (لا يريحون) أي لا يشمون ولا يجدون (رائحة الجنة) يعني وريحها توجد من مسيرة خمس مائة عام كما في حديث، فالمراد به التهديد أو محمول على المستحل أو مقيد بما قبل دخول الجنة من القبر أو الموقف أو النار. قال ميرك ذهب أكثر العلماء إلى كراهة الخضاب بالسواد، وجنح النووي إلى أنها كراهة تحريم وأن من العلماء من رخص فيه في الجهاد ولم يرخص في غيره، ومنهم من فرق في ذلك بين الرجل والمرأة فأجازه لها دون الرجل واختاره الحليمي. وأما خضب اليدين والرجلين فيستحب في حق النساء ويحرم في حق الرجال إلا للتداوي كذا في المرقاة وقال الحافظ في الفتح تحت قوله صلى الله عليه وسلم " إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم " هكذا أطلق. ولأحمد بسند حسن عن أبي أمامة قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال يا معشر