رواية أبي داود بالنسبة إلى طول الشعر وقصرها أي أطول من الوفرة وأقصر من الجمة فلا تعارض بين الروايتين، كذا في فتح الودود.
قال المنذري: وأخرجه الترمذي وابن ماجة ولفظه فوق الجمة، وفي حديث الترمذي كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير وجه عن عائشة أنها قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ولم يذكروا فيه هذا الحرف وكان له شعر فوق الجمة، وإنما ذكره عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ثقة حافظ. هذا آخر كلامه. وعبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان أبو محمد مدني سكن بغداد وحدث بها إلى حين وفاته. وثقة الإمام مالك بن أنس واستشهد به البخاري وتكلم فيه غير واحد انتهى كلام المنذري.
(باب ما جاء في الفرق) بفتح فسكون أي فرق شعر الرأس وهو قسمته في المفرق وهو وسط الرأس.
(يسدلون أشعارهم) من باب نصر وضرب أي يرسلون أشعارهم. قال القاري: المراد بسدل الشعر هاهنا إرساله حول الرأس من غير أن يقسم نصفين نصف من جانب يمينه ونحو صدره ونصف من جانب يساره كذلك انتهى. وقال النووي: المراد إرساله على الجبين واتخاذه كالقصة (وكان المشركون يفرقون رؤوسهم) أي يقسمون شعر رؤوسهم من وسطها ويفرقون بكسر الراء ويضم وبعضهم شدد الراء والتخفيف أشهر (تعجبه موافقة أهل الكتاب) أي اليهود والنصارى استئلافا لهم (فيما لم يؤمر به) أي بشئ من مخالفته. وقال ابن الملك أي فيما لم ينزل عليه حكم بالمخالفة ذكره القاري (فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته) أي موافقة لأهل الكتاب، والناصية شعر مقدم الرأس ثم فرق) أي شعر رأسه (بعد) بضم الدال أي بعد ذلك من الزمان.
قال الحافظ في رواية معمر ثم أمر بالفرق ففرق وكان الفرق آخر الأمرين. قال وقد جزم الحازمي بأن السدل نسخ بالفرق، واستدل برواية معمر قال وهو ظاهر. وقال النووي: الصحيح جواز السدل والفرق.