خواتيم سورة الكهف، وتابع هشاما شعبة فقال عن قتادة: من آخر سورة الكهف. هذا معنى كلام المؤلف الإمام، وهو مخالف لما في صحيح مسلم، فإن مسلما أخرجه في فضائل القرآن من كتاب الصلاة بقوله: حدثنا محمد بن المثنى قال أخبرنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد الغطفاني عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي الدرداء أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال " وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا أخبرنا محمد بن جعفر قال أخبرنا شعبة. وحدثني زهير بن حرب قال أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي قال أخبرنا همام جميعا عن قتادة بهذا الإسناد، قال شعبة: من آخر الكهف، وقال همام: من أول الكهف كما قال هشام. فرواية مسلم هذه تنادي أن هماما وهشاما كليهما متفقان في الإسناد والمتن، وقالا: عشر آيات من أول الكهف، وأما شعبة فقال: من آخر الكهف.
هو وأما في رواية الترمذي في فضائل القرآن فقال محمد بن جعفر أخبرنا شعبة عن قتادة بإسناده " من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف ".
وقال المزي في الأطراف: وأخرج النسائي أي في السنن الكبرى في فضائل القرآن وفي عمل اليوم والليلة عن عمرو بن علي عن غندر عن شعبة بإسناده وقال: " من قرأ عشر آيات من الكهف " وقال في عمل اليوم والليلة: العشر الأواخر. وعن أحمد بن سليمان عن عفان عن همام عن قتادة به مثل الأول: عشر آيات من أول سورة الكهف. انتهى.
قال النووي: قيل سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات، فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال، وكذا في آخرها * (أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا) * إلخ. وقال القرطبي: اختلف المتأولون في سبب ذلك، فقيل لما في قصة أصحاب الكهف من العجائب والآيات، فمن وقف عليها لم يستغرب أمر الدجال ولم يهله ذلك فلم يفتتن به، وقيل لقوله تعالى: * (لينذر بأسا شديدا من لدنه) * تمسكا بتخصيص البأس بالشدة واللدنية، وهو مناسب لما يكون من الدجال من دعوى الإلهية واستيلائه وعظم فتنته، ولذلك عظم صلى الله عليه وسلم أمره وحذر عنه وتعوذ من فتنته، فيكون معنى الحديث: أن من قرأ هذه الآيات وتدبرها ووقف على معناها حذره فأمن منه، وقيل: ذلك من خصائص هذه السورة كلها، فقد روي: " من حفظ سورة الكهف ثم أدركه الدجال لم يسلط عليه ". وعلى هذا يجتمع رواية من روى أول سورة الكهف مع من روى من آخرها، ويكون ذكر العشر على جهة الاستدراج في حفظها كلها، انتهى كلام السيوطي.