ومحمد صلى الله عليه وسلم آخر الرسل، فينزل حكما مقسطا، وإذا صار حكما فإنه لا سلطان يومئذ للمسلمين ولا إمام ولا قاضي ولا مفتي غيره، وقد قبض الله العلم وخلا الناس منه فينزل وقد علم بأمر الله تعالى في السماء قبل أن ينزل ما يحتاج إليه من علم هذه الشريعة للحكم بين الناس والعمل به في نفسه فيجتمع المؤمنون عند ذكر ذلك إليه ويحكمونه على أنفسهم، إذ لا أحد يصلح لذلك غيره.
قال السيوطي. ما قاله ككون العلماء يسلبون علمهم باطل قطعا بل لا تزال الأمة بعلمائهم وقضاتهم وغيرهم إلا أن الإمام الأكبر المرجوع إليه هو نبي الله عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وقبض العلم إنما يكون بعد موت المؤمنين.
(رجل) أي هو رجل (مربوع) أي بين الطويل والقصير (بين ممصرتين) قال في النهاية:
الممصرة عنه من الثياب التي فيها صفرة خفيفة: أي ينزل عيسى عليه السلام بين ثوبين فيهما صفرة خفيفة (كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل) كناية عن النظافة والنضارة (فيدق الصليب) أي يكسره. قال في شرح السنة وغيره: أي فيبطل النصرانية ويحكم بالملة الحنيفية. وقال ابن الملك: الصليب في اصطلاح النصارى خشبة مثلثة يدعون أن عيسى عليه الصلاة والسلام صلب على خشبة مثلثة على تلك الصورة وقد يكون فيه صورة المسيح (ويقتل الخنزير) أي يحرم اقتناءه وأكله ويبيح قتله (ويضع الجزية) قال الخطابي: أي يكره أهل الكتاب على الإسلام، فلا يقبل منهم الجزية بل الإسلام أو القتل. وقال في النهاية: فلا يبقى ذمي تجري عليه جزية، أي لا يبقى فقير لاستغناء الناس بكثرة الأموال فتسقط الجزية لأنها إنما شرعت لترد في مصالح المسلمين تقوية لهم فإذا لم يبق محتاج لم تؤخذ. وقال القاضي عياض: أو أراد بوضع الجزية تقريرها على الكفار بلا محاباة فيكثر المال بسببه. وتعقبه النووي بأن صوابه أن عيسى لا يقبل غير الإسلام. ويؤيده ما في رواية أحمد: وتكون الدعوة واحدة.
قال النووي: فليس بإسقاط الجزية نسخ لما تقرر بشريعتنا لأنه مقيد بأنها تستمر إلى نزوله فتوضع. فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بين غاية استمرارها، فلا نسخ لشريعته بل هو عمل بما بينه كذا في مرقاة الصعود.
(ويهلك) من الإهلاك، أي عيسى عليه السلام (المسيح الدجال) مفعول يهلك. زاد أحمد: ثم تقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسد مع الإبل والنمار مع البقر والذئاب مع الغنم وتلعب الصبيان بالحيات (فيمكث) أي عيسى عليه السلام (في الأرض أربعين سنة) قال