الأنصار حمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب " وأخرج الطبراني في الأوسط نحوه من حديث أنس. وفي الكبير من حديث عتبة بن عبد " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتغيير الشعر مخالفة للأعاجم " وقد تمسك به من أجاز الخضاب بالسواد، وقد تقدمت في باب ذكر بني إسرائيل من أحاديث الأنبياء مسألة استثناء الخضب بالسواد لحديثي جابر وابن عباس وأن من العلماء من رخص فيه في الجهاد ومنهم من رخص فيه مطلقا وأن الأولى كراهته، وجنح النووي إلى أنه كراهة تحريم.
وقد رخص فيه طائفة من السلف منهم سعد بن أبي وقاص وعقبة بن عامر والحسن والحسين وجرير وغير واحد واختاره ابن أبي عاصم في كتاب الخضاب له، وأجاب عن حديث ابن عباس رفعه " يكون قوم يخضبون بالسواد لا يجدون ريح الجنة " بأنه لا دلالة فيه على كراهة الخضاب بالسواد بل فيه الإخبار عن قوم هذه صفتهم، وعن أحاديث جابر " جنبوه السواد " بأنه في حق من صار شيب رأسه مستبشعا ولا بكر يطرد ذلك في حق كل أحد انتهى.
وقاله خلاف ما يتبادر من سياق الحديثين. نعم يشهد له ما أخرجه هو عن ابن شهاب قال " كنا نخضب بالسواد إذا كان الوجه جديدا فلما قد نفض الوجه والأسنان تركناه " وقد أخرج الطبراني وابن أبي عاصم من حديث أبي الدرداء رفعه " من خضب بالسواد سود الله وجهه يوم القيام " وسنده لين انتهى كلام الحافظ قال المنذري: وأخرجه النسائي في إسناده عبد الكريم ولم ينسبه أبو داود ولا النسائي وذكر بعضهم أنه عبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية ولا يحتج بحديثه وضعف الحديث بسببه، وذكر بعضهم أنه عبد الكريم بن مالك الجزري أبو سعيد وهو من الثقات اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج بحديثه وقوى من قال إنه عبد الكريم الجزري وعبد الكريم بن أبي المخارق من أهل البصرة نزل مكة. وأيضا فإن وفي الذي روى عن عبد الكريم هذا الحديث هو عبد الله بن عمرو الرقي وهو مشهور بالرواية عن عبد الكريم الجزري وهو أيضامن أهل الجزيرة والله عز وجل أعلم.
(باب في الانتفاع بالعاج) (عن محمد بن جحادة) بضم الجيم وتخفيف المهملة ثقة (عن سليمان المنبهي) ضبطه في الخلاصة بفتح الميم وإسكان النون واقتصر على هذا.