ويصح أن يستعار دوران الرحى في الأمر الذي يقوم لصاحبه ويستمر له، فإن الرحى توجد على نعت الكمال ما دامت دائرة مستمرة، ويقال فلان صاحب دارتهم إذ كان أمرهم يدور عليه، ورحى الغيث معظمه، ويؤيد ما ذهبنا إليه ما رواه الحربي في بعض طرقه تزول رحى الإسلام مكان تدور ثم قال: كأن تزول أقرب لأنها تزول عن ثبوتها واستقرارها. وكلام التوربشتي هذا ذكره القاري في المرقاة.
وقال ابن الأثير في النهاية: يقال دارت رحى الحرب إذا قامت على ساقها، وأصل الرحى التي يطحن بها، والمعنى أن الإسلام يمتد قيام أمره على سنن الاستقامة، والبعد من إحداثات الظلمة إلى تقضي هذه المدة التي هي بضع وثمانون انتهى.
ثم اعلم أن اللام في قوله لخمس للوقت أو بمعنى إلى. قال الأردبيلي: واللام في لخمس للوقت كما لو قال أنت طالق لرمضان أي وقته.
قال الله تعالى: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * وقيل بمعنى إلى لأن حروف الجارة يوضع بعضها موضع بعض. انتهى قلت كون اللام في لخمس بمعنى إلى هو الأظهر كما لا يخفى.
فإن قلت: قد ذكر في الحديث انتهاء مدة دوران رحى الإسلام ولم يذكر فيه ابتداء مدته فمن أي وقت يراد الابتداء.
قلت: يجوز أن يراد الابتداء من الهجرة أو من الزمان الذي بقيت فيه من عمره صلى الله عليه وسلم خمس سنين أو ست سنين.
قال في جامع الأصول: قيل إن الإسلام عند قيام أمره على سنن الاستقامة والبعد من إحداثات الظلمة إلى أن ينقضي مدة خمس وثلاثين سنة، ووجهه أن يكون قد قاله وقد بقيت من عمره خمس سنين أو ست فإذا انضمت إلى مدة خلافة الخلفاء الراشدين وهي ثلاثون سنة كانت بالغة ذلك المبلغ، وإن كان أراد سنة خمس وثلاثين من الهجرة، ففيها خرج أهل مصر وحصروا عثمان رضي الله عنه، وإن كانت سنة ست وثلاثين ففيها كانت وقعة الجمل، وإن كانت سنة سبع وثلاثين ففيها كانت وقعة الصفين انتهى.
(فإن يهلكوا من هلك وأن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما) إعلم أنهم لما اختلفوا في المراد بدوران رحى الإسلام على القولين المذكورين اختلفوا في بيان معنى هذا الكلام وتفسيره أيضا على قولين، فتفسير هذا الكلام على قول الأكثرين هكذا، فقوله فإن