عليكم نبيكم) كما دعا نوح على قومه (فتهلكوا) بكسر اللام (جميعا) أي بل كان النبي كثير الدعاء لأمته (و) الثانية (أن لا يظهر) أي لا يغلب (أهل) دين (الباطل) وهو الكفر (على) دين (أهل الحق) وهو الإسلام بحيث يمحقه ويطفئ نوره (و) الثالثة (أن لا تجتمعوا على ضلالة) وفيه أن إجماع أمته حجة وهو من خصائصهم. والحديث تفرد به أبو داود وفيه انقطاع وكلام كما تقدم. وأخرجه أيضا الطبراني والله أعلم.
(تدور رحى الإسلام بخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين) إعلم أن العلماء اختلفوا في بيان معنى دوران رحى الإسلام على قولين: الأول أن المراد منه استقامة أمر الدين واستمراره، وهذا قول الأكثرين، والثاني أن المراد منه الحرب والقتال وهذا قول الخطابي والبغوي. قال العلامة الأردبيلي في الأزهار وشرح المصابيح قال الأكثرون المراد بدوران رحى الإسلام استمرار أمر النبوة والخلافة واستقامة أمر الولاة وإقامة الحدود والأحكام من غير فتور ولا فطور إلى سنة خمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين من الهجرة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث مما مضى. وقال الخطابي في المعالم والشيخ في شرح السنة: المراد بدوران رحى الإسلام الحرب والقتال وشبهها بالرحى الدوارة بالحب لما فيها من تلف الأرواح والأشباح انتهى.
فإن قلت: إرادة الحرب من دوران رحى الإسلام أظهر وأوضح من إرادة استقامة أمر الدين واستمراره لأن العرب يكنون عن الحرب بدوران الرحى. قال الشاعر:
* فدارت رحانا واستدارت رحاهم * فكيف اختار الأكثرون الأول دون الثاني.
قلت. لا شك أن العرب يكنون عن الحرب بدوران الرحى لكن إذا كان في الكلام ذكر الحرب صراحة أو إشارة. وليس في الحديث ذكر الحرب أصلا.
قال التوربشتي رحمه الله: إنهم يكنون عن اشتداد الحرب بدوران الرحى ويقولون دارت رحى الحرب أي استتب أمرها ولم تجدهم استعملوا دوران الرحى في أمر الحرب من غير جريان ذكرها أو الإشارة إليها، وفي هذا الحديث لم يذكر الحرب وإنما قال رحى الإسلام فالأشبه أنه أراد بذلك أن الإسلام يستتب أمره ويدوم على ما كان عليه المدة المذكورة في الحديث.