والمستمع إن سجد التالي، وقيل وإن لم يسجد، وأما مواضع السجود فقال الشافعي: يسجد فيما عدا المفصل فيكون أحد عشر موضعا وقالت الحنفية في أربعة عشر محلا، إلا أن الحنيفة لا يعدون في الحج إلا سجدة واعتبروا بسجدة سورة ص. وقال أحمد وجماعة: يسجد في خمسة عشر موضعا عدوا سجدتي الحج وسجدة ص، واختلفوا أيضا هل يشترط فيها ما يشترط في الصلاة من الطهارة وغيرها، فاشترط ذلك جماعة، وقال قوم لا يشترط، وقال البخاري:
كان ابن عمر يسجد على غير وضوء. وفي مسند ابن أبي شيبة: كان ابن عمر ينزل عن راحلته فيهريق الماء ثم يركب فيقرأ السجدة فيسجد وما يتوضأ ووافقه الشعبي على ذلك. وروي عن ابن عمر أنه قال: لا يسجد الرجل، إلا وهو طاهر، وجمع بين قوله وفعله على الطهارة من الحدث الأكبر. وهذا الحديث دل على السجود للتلاوة في المفصل. انتهى. قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
(قال أبو داود أسلم أبو هريرة) هذه العبارة ليست في أكثر النسخ. وكذا ليست في مختصر المنذري.
(فقلت ما هذه السجدة) هو استفهام إنكار، وبذلك تمسك من رأى ترك السجود للتلاوة في الصلاة ومن رأى تركه في المفصل، ويجاب عن ذلك بأن أبا رافع وكذا أبو سلمة كما عند البخاري لم ينكروا على أبي هريرة بعد أن أعلمهما بالسنة في هذه المسألة ولا احتجا عليه بالعمل على خلاف ذلك. قال ابن عبد البر: وأي عمل يدعى مع مخالفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء الراشدين بعده. والحديث يدل على مشروعية سجود التلاوة في الصلاة، لأن ظاهر السياق أن سجوده صلى الله عليه وآله وسلم كان في الصلاة. وفي الفتح أن في رواية أبي الأشعث عن معمر التصريح بأن سجود النبي صلى الله عليه وسلم فيها كان داخل الصلاة، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء ولم يفرقوا بين صلاة الفريضة والنافلة. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي.