وأما أنت يا محمد فأشرت علي بما هو أنبه لذكري (26).
(26) وبعده هكذا (ارتحلا. فارتحلا إلى معاوية، فأتى رجلا قد عاد الرضى [كذا] ومشى بين الأعراض، يقص على أهل الشام غدوة وعشية: يا أهل الشام إنكم على خير وإلى خير، تطلبون بدم خليفة قتلمظلوما، فمن عاش منكم فإلى خير، ومن مات منكم فإلى خير.
فقال عبد الله بن عمرو: ما أرى الرجل إلا قد انقطع بالأمر دونك. فقال له: دعني وإياه. ثم إن عمرا قال لمعاوية ذات يوم: يا معاوية أحرقت كبدي بقصصك، أترى انا خالفنا عليا لفضل منا عليه، لا والله إن هي إلا الدنيا نتكالب عليها!!! وأيم الله لتقتطعن لي قطعة من دنياك أو لأنابذنك. قال:
فأعطاه مصر، يعطي أهلها عطا [يا] هم وأرزاقهم وما بقي فله، فرجع عمرو إلى عبد الله فقال له: قد أخذت مصر. فقال: وما مصر في سلطان العرب؟
فقال له [عمرو]: لا أشبع الله بطنك إن لم تشبعك مصر.
[قال]: وزاد الكلبي في حديثه: فجعل كل واحد منهما يكايد صاحبه و [قال عمرو] لمعاوية أعطني مصر [ظ] فتلكأ معاوية وقال: ألم تعلم أن [أهل] مصر بعثوا بطاعتهم إلى علي.
وإن ابن أبي سفيان أتى معاوية [كذا] فدخل عليه فقال له: أما ترضى أن تشتري عمرا بمصر، إن هي صفت لك؟
وأن معاوية جعل مصر لعمرو بن العاص.
قال المحمودي: وما في هذه الرواية من استشارة عمرو ابنيه في الوقود على معاوية، ثم ارتحاله إليه من غير طلب من معاوية،، خلاف الواقع - كما أن في الرواية السابقة أيضا كان الامر كذلك - بل ما برح عمرو من مكانه بفلسطين حتى جاءه كتاب من معاوية يستدعيه إليه، قال نصر - في أواخر الجزء الأول من كتاب صفين ص 23 ط مصر -: حدثني محمد بن عبيد الله، عن الجرجاني فال [لما بلغ كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية] واستحثه جرير بالبيعة، فقال: يا جرير انها ليست بخلسة وانه أمر له ما بعده فأبلعني ريقي حتى أنظر. ودعا [معاوية] ثقاته [فشاورهم] فقال له عتبة بن أبي سفيان - وكان نظيره -: اجتمعن [كذا] على هذا الامر بعمرو بن العاص وأثمن له بدينه فإنه من قد عرفت، وقد اعتزل عثمان في حياته وهو لأمرك أشد اعتزالا إن ير فرصة [وفي نسخة ابن أبي الحديد: إلا أن يثمن له دينه].
فال نصر: عن عمر بن سعد، ومحمد بن عبيد الله، قالا: كتب معاوية إلى عمرو - وهو بالسبع من فلسطين:
أما بعد فإنه كان من أمر علي وطلحة والزبير ما قد بلغك، وفد سقط إلينا مروان بن الحكم في رافضة أهل البصرة، وقدم علينا جرير في بيعة علي، وقد حبست نفسي عليك حتى تأتيني، أقبل أذاكرك أمرا.
أقول: سيتلى عليك شواهد أخر.