فلو أردنا أن نتساءل عن الفقيه متى يكون فقيها؟ والامام متى يكون إماما؟
ومتى يكون عالما؟ والعالم متى يكون كبيرا؟ والعالم الكبير متى يكون فاضلا عند أبناء لحمته؟ والعالم الكبير متى يكون مشهورا؟
كل هذه الأسئلة تدفعنا أن نقول: إن الكليني ما اشتهر عند المذاهب الاسلامية الأخرى إلا بعد ما اشتهر عند الطائفة المحقة، وإن الشهرة التي وصل مداها إلى العراق إنما هي امتداد لشهرته في البلاد الإيرانية، وبالخصوص بلاد الري، وإلا كيف يعرف الشيخ الكليني عند المخالف بأنه: الفقيه، والامام، والعالم، والكبير، والمشهور..
الخ قبل أن يعرف عند أبناء طائفته؟!
ثم إن هذه الألقاب والنعوت يتحتم في صحة ثبوتها للشيخ أن تمضي عليها السنون كي تصبح فيما بعد حقائق ثابتة لصاحبها، وهنا لا يمكن تقدير تلك السنين بأقل من عقد من الزمان - كحد أدنى - حتى يحتل المكانة والشهرة اللائقة بين أقرانه من علماء عصره.
إذا على هذا التقدير فسوف يكون الشيخ الكليني قد اشتهر بين علماء الطائفة في حدود 290 ه. ومما يعضد ذلك أنه المجدد على رأس المائة الثالثة كما ذكره ابن الأثير وآخرون.
فكيف يصبح مجددا ما لم تظهر له آراء في الفقه والأصول والتفسير والحديث والرجال وغير ذلك من العلوم والفنون التي كانت متداولة في عصره؟
بل حتى ظهور تلك الآراء للمصنف هو غير كاف ما لم تأخذ صداها في العالم الاسلامي بأجمعه، أي عند المؤالف والمخالف، وبين جميع المذاهب والفرق الاسلامية.
ولما لم يؤثر عن المترجم له انه كان في حالة نبوغ في مقتبل عمره، فهذا يعني أنه تدرج في حياته العلمية كسائر العلماء، وهذا التدرج العلمي الطبيعي - باستثناء