ثم كانت ثورة صاحب الزنج مظهرا من مظاهر العنف والغدر والفتك، بل أنها تيار عارم هددت الدولة العباسية، وجعلت نفوس المسلمين في خطر، وأن المجازر التي ارتكبها صاحب الزنج قد لا يمكن إحصاؤها، حتى قيل: ان أقل إحصائية بعدد القتلى الذين ذهبوا ضحية أطماع صاحب الزنج تقدر بنصف مليون (1).
عهد المعتضد 279 - 289 ه:
في زمن المعتضد ظهرت الأحزاب وأشعلت الفتن في أماكن متعددة من الدولة العباسية، فالقرامطة ظهروا في الكوفة وأعلنوا ثورتهم بقيادة حمدان قرمط، وفي البحرين كانت الثورة على يد أبي سعيد الجنابي، وظهر ابن حوشب في اليمن، وأبو عبد الله الشيعي ظهر في المغرب، والصفاريون ظهروا في طبرستان وكذلك السامانيون، والحمدانيون ظهروا في الموصل.
أما الفترة التي حكمها المكتفي 289 - 295 ه فقد كانت مليئة بالاحداث، فالإسماعيليون استطاعوا أن ينفذوا إلى بعض البلدان فيحكموها، كما حدث في مصر، واما القرامطة فقد عاثوا بأرض الشام فسادا، وهكذا غيرهم انتهز فرصة ضعف السلطان، وتحكم الأتراك، وانعدام السيطرة على أرجاء الدولة العباسية المترامية الأطراف ليعلن تمرده على السلطة.
ولما جاء دور المقتدر 295 - 320 ه بان الضعف على الحاكم، وأصبحت الحكومة هزيلة لا تقوى على الدفاع عن نفسها ومركزها بغداد، ناهيك عن الأطراف والثغور، علما أن المقتدر لما بويع بالخلافة كان عمره آنذاك لا يتجاوز الثالثة عشر من عمره، ولما شب عكف على لذائذ الدنيا من اللهو والشرب والنساء