ثم نشاط حركة الزندقة في أواخر القرن الثاني والنصف الأول من القرن الثالث الهجري، خلق نشاطا جديدا من جميع الفرق للوقوف أمام هذا التيار الالحادي، علما أن الدولة كانت تلاحق هذا التيار، وتعصف بهم، وترصد نشاطهم في كل مكان.
على أن حركة الزندقة وجدت من عقائد المعتزلة المتناقض، ومن أفكار المرجئة والقدرية السقيم خير دليل للنقض أو الرد على الاسلاميين، لهذا ما استطاعت الدولة أو علماء المعتزلة أن يصلوا إلى حل علمي إلا السيف، فالمغرر به لا يستطيع أن ينقاد بسهولة، في الوقت نفسه كانت مناظرات الإمام الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام زاخرة بالأدلة العلمية والعقلية التي من سمعها رجع عن فكرة الزندقة إلا القليل منهم.
هذه بعض الفوارق العلمية التي أدت فيما بعد أن يضمحل فكر الاعتزال ويتلاشى على مر الزمن، ويذهب اسمه ورسمه من سياسة الدولة ليحل محله مذهب أهل الحديث والسنة، والذي تبناه الأشاعرة.
نظرة إجمالية في مسألة خلق القرآن بعد ما راج الفكر المعتزلي في الأوساط العامة والمدارس، ودخل البلاط العباسي، وتبناه بعض الحكام، تبنى المعتزلة فكرة خلق القرآن - بعد ما كانوا يعارضون مبتدعها وهو الجهم بن صفوان (1) - وهذا التبني سرى إلى المتنفذين في الدولة كالمأمون، فقد أعلن عن معتقده ونادى بفكرة خلق القرآن في سنة 211 ه.