وحقا كانت شهرته في ترويج المذهب، لهذا كان شيخ أصحابنا - الشيعة - في وقته بالري ووجههم، وكان أوثق الناس بالحديث وأثبتهم (1).
إلا أن هذه الشهرة ما نالها الشيخ إلا بعد ما تهيأت الظروف الأمنية الخاصة للشيخ، وعندما كان في مأمن من الفتن والاضطرابات التي ألمت بالمسلمين سنينا طويلة.
أما قول مرتضى الزبيدي في تاج العروس: " وقد انتهت إليه رئاسة فقهاء الإمامية في أيام المقتدر " (2)، إنما يصدق هذا القول عندما كان الشيخ الكليني في بغداد، وسكنها حتى وافاه الاجل فيها، أما متى جاء إلى بغداد، ومتى رحل إلى غيرها، وإلى أي مدينة سافر.. كل ذلك يبقى في طي الغموض.
نعم يحدثنا الشيخ الطوسي في " الاستبصار " انه حدث بها - بغداد - سنة 327 ه (3)، وهذا يدلل أنه هاجر إلى بغداد في أواخر عصره حيث أن وفاته سنة 329 ه، فبين زمان تصديه للدرس والتحدث وبين وفاته سنتان، وإن كان نحن لا نقطع بأن الشيخ نزل بغداد في هذه الفترة القريبة، بل لا أقل أنه سكنها حدود عقد من الزمان إن لم يكن أكثر من ذلك.
أما قول صاحب " كشف المحجة ": " وقد أدرك زمان السفراء، وجمع الحديث من مشروعه ومورده، وقد انفرد بتأليف كتاب " الكافي " في أيامهم... " (4)، فهذا لا يعني أنه ألف كتابه - الكافي - في بغداد، بل من المحتمل أنه ألفه في الري، وهذا يصدق عليه القول أنه أدرك زمان السفراء، كما يصدق عليه القول أنه انفرد بتأليف