الفوضى، وعدم الاستقرار السياسي، كل هذا أنتجت ثورة أبي السرايا (1).
وقال الدوري: ثورة أبي السرايا كانت ثورة عربية عراقية صرفة، وانها كانت حركة عامة لكل القوات العلوية في العراق، وهذا يؤكد بأن الحركات الشيعية كانت آنئذ عربية، وأن الثورة هذه هي ثورة عربية ضد بني العباس (2).
وفي عهد خلافة المعتمد على الله التي دامت من 256 - 279 ه حدثت فتن كثيرة، منها: ثورة الزنج، والتي عظم أمرها في زمن المعتمد وإن كان قد بدأت سنة 255 ه بالبصرة إلا أنها دامت خمسة عشر سنة، أي إلى سنة 270 ه، وكان مسرح هذه الثورة المنطقة الجنوبية من العراق، الممتدة بين البصرة وواسط، ثم امتدت هذه الحركة إلى البحرين جنوبا، والأهواز شرقا، وبغداد شمالا، وهكذا احتل الأبلة، وعبادان، والأهواز، ورامهرمز، وواسط، والنعمانية (3).
وقد التف حول صاحب الزنج خلق كثير من الناس المعدمين، وبالخصوص العمال، والمزارعين، والخدم، وأصحاب الدخل الواطئ، والتعساء من الناس، ليقفوا بوجه الحكام الظلمة، وطواغيت العصر، فكانت دعوته إنقاذ هؤلاء وانتشالهم من حياة البؤس والشقاء.
وفعلا وفى الرجل لاتباعه ما وعدهم، وهؤلاء أخلصوا له الولاء، بحيث هددوا حدود المملكة العباسية، وألحقوا بجيوش العباسيين الهزائم الكثيرة.
وقد حالف الحظ صاحب الزنج، حيث نادى بتحرير العبيد وتخليصهم من الرق، وحقا نجح في هذه المهمة لتحرير العبيد الزنوج، إلا أن تناقضه في المبدأ مما أسخط الناس عليه، حيث وقع البيض أسرى بأيدي أصحاب السود.