(ثالثا) قم المقدسة:
تعد قم اليوم من أهم المراكز العلمية للشيعة، وقد اتجه طلاب العلم والعلماء وأهل القلم والتحقيق إلى هذه المدينة المقدسة بعد ما حل رجس البعثيين في العراق، وحولوا المدن العلمية هناك إلى بقاع هامدة تنتهشها أيدي الرجس والفجور، والآن يخيم على المدن العلمية في العراق - كالنجف وكربلاء والكاظمين وسامراء - سحابة كبيرة من الكبت والقهر، بل أن الطاغوت في العراق أخذ بتصفية العلماء، وتشريد طلاب العلوم الدينية من تلك المراكز الدينية للشيعة، فحولها بورا، وأحل بها الدمار والخراب، فأقدم على قتل المراجع العظام، وإعدام السادة الأبرياء، ولاحق الاجلاء من نسل علي وفاطمة، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
إن هذه الأسباب والويلات التي جرت في القرن العشرين على عراقنا الجريح أودت بحياة الحوزة العلمية في النجف وكربلاء وسامراء، وصيرت شتاتها إلى قم المقدسة لتجتمع هناك، وقد حدا الامر قبيل ذلك أن يتصدى آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي المولود في عام 1276 ه - في مدينة مهرجرد من قرى يزد - بعد ما نزل قم سنة 1340 ه لان يؤسس الحوزة العلمية فيها، وقد ساعد آية الله الحائري على إنجاح هذا المشروع وصول بعض علماء العراق إلى إيران، حيث نفتهم الحكومة العراقية وبأمر من المستشار البريطاني في بغداد، وكان وصول هؤلاء المراجع سنة 1341 ه أمثال الشيخ مهدي الخالصي، والسيد أبي الحسن الأصفهاني، والميرزا محمد حسين النائيني، والسيد علي الشهرستاني، والسيد عبد الحسين الحجة (1)، لهم الأثر الكبير في تعزيز مكانة الشيخ الحائري، وتشييد الحوزة العلمية