والجيش الذي أرسله الامام أمير المؤمنين بقيادة مصقلة بن هبيرة، وقد ذكر عباس شايان في هامش كتاب " تاريخ طبرستان " عدة نقاط في ذلك (1).
كيفما كان، لا يهمنا تاريخ فتح هذه البلاد بقدر ما يهمنا الولاء الذي حمله التابعين وحبهم لأهل البيت عليهم السلام، ولا يخفى أن الجند الفاتح كان فيه جملة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله، فبين من هو قرشي النسب ومن ذرية علي وفاطمة عليهم السلام، وبين من هو هاشمي، أو من ينتمي إليهم بالولاء.
فهذه التكوينة الخاصة بالجند زمن عمر، ثم الجند المرسل - إن سلمنا بحادثة ارتداد قبيلة ناجية - زمن الامام أمير المؤمنين عليه السلام كان لهما الأثر في بذر التشيع في خراسان، إلا أنه لم يظهر على الصعيد السياسي والعقائدي، بل إذا صح التعبير أن نقول: هناك من يعرف حق أهل البيت ولو بصورة إجمالية، وعلى أقل تقدير، أن ولاء بعض الجند الفاتح لأهل البيت كان مشهودا.
ثم بدأ التشيع الحقيقي في خراسان عندما ولي الإمام الرضا ولاية العهد زمن المأمون، بعدما كانت فارس - كلها إلا ما ندر - لا تميز بين البيت العلوي الهاشمي والبيت العباسي، إلا أن الإمام الرضا عليه السلام كشف لهم حقائق بني العباس، وغصبهم للخلافة الشرعية من أهلها، كما أن المناظرات التي كانت تعقد بين الإمام عليه السلام وبعض خصومه بتوجيه من المأمون كانت تكشف للناس فضل أهل البيت ومعرفتهم وتقواهم، وبها يندحر الخصوم وينتكس على عقبه. بدأ التشيع بخراسان بهذا الشكل، ثم قوي واتسع نطاقه زمن إمارة طاهر بن الحسين الخزاعي على همدان وخراسان عام 205 ه، وهو قائد المأمون، والذي فتح بغداد بعد مقتل الأمين.