وكانت الآية 214 من سورة الشعراء حاملة لهذا التكليف، كما عرفنا قصة هذه الدعوة قبل ذلك عن لسان الامام أمير المؤمنين (ع)، وكان بعد هذا الوحي السماوي أن دعا رسول الله (ص) الأقربين من عشيرته إلى وليمة، وانذرهم وبلغهم في بيته، وبعد هذه الدعوة انتشرت الدعوة، واعتنق الاسلام مختلف الناس تدريجا، فازداد عدد المسلمين.
عند وجود النبي (ص) في مكة لم يكن توجيه مثل هذا الخطاب العام إلى قريش ميسورا، فان قريش لم يؤمنوا به (ص) سوى عدد قليل منهم، حتى ينذرهم من عذاب النار ويكلمهم عن الشفاعة وعدمها، فمثل هذا الكلام يصح إذا خضعت قريش للاسلام واعتقدوا برسول الله (ص) كنبي، وإن كان اعتقادا ظاهريا، ففي الحالة التي كان الرسول (ص) في صراع ليل ونهار مع قريش المترفين والمقتدرين واتباعهم، كانوا يهزأون به وأحيانا يلقون أمعاء الإبل على رأسه الشريف أو يصبون عليه الرماد، في مثل هذه الظروف لا يعقل ان يكلمهم النبي (ص) ويقول لهم بأنه لا يتمكن من الشفاعة لهم، وعليهم أن يخلصوا أنفسهم من النار بعملهم الصالح (1). وعندما نفرض توفر مثل هذا الانذار العام فيجب أن يكون ذلك عندما أسلم كلهم ولو ظاهريا وقبلوه (ص) نبيا.
وقد وجدنا في روايات أئمة أهل البيت:
أولا: ان الروايات المتضمنة آية الانذار تحكي جميعها عن انذار الأقربين من العشيرة في بيت النبي (ص) ولا تحكي عن شئ آخر (2).
ثانيا: تخبر عن صعود النبي (ص) على جبل الصفا، وخطبته العامة