لما نزلت هذه الآية على رسول الله (ص): (وأنذر عشيرتك الأقربين).
دعاني رسول الله (ص) فقال لي: يا علي، إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، فضقت بذلك ذرعا، وعرفت أني متى أباديهم بهذا الامر أرى ما أكره، فصمت عليه حتى جاءني جبرئيل فقال: يا محمد إن لا تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك. فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، وأملأ لنا عسا من لبن، ثم أجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به.
ففعلت ما أمرني به، ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه: أبو طالب، وحمزة، والعباس، وأبو لهب. فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله (ص) حذية (أي: قطعة) من اللحم فشقها بأسنانه، ثم ألقاه في نواحي الصحفة، ثم قال: خذوا بسم الله. فأكل القوم حتى ما لهم بشئ من حاجة، وما أرى إلا موضع أيديهم. وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم. ثم قال: إسق القوم، فجئتهم بذاك العس، فشربوا منه حتى رووا منه جميعا، وأيم الله إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.
فلم أراد رسول الله (ص) أن يكلمهم، بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لشد ما سحركم صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله (ص). فقال الغد: يا علي إن هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم إلي.
قال: ففعلت، ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام، فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما لهم بشئ حاجة، ثم قال: إسقهم، فجئتهم بذاك العس، فشربوا حتى رووا منه جميعا. ثم تكلم رسول الله (ص) فقال: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا في الرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم