أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ٢ - الصفحة ٢٣٤
وفي صحيح البخاري عن عائشة: ان يهودا أتوا النبي (ص) فقالوا: السام عليكم، فقالت عائشة: عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم. فقال النبي (ص):
مهلا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش... الحديث (1).
ولا بد للنبي الذي يقول: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق أن يكون لينا عف اللسان ولو كان فظا غليظ القلب لانفضوا من حوله.
عجيب أمر هذه الأحاديث التي تحط من قدر النبي العظيم (ص) وتزيل كل ثقة به وبلعنه ودعائه وحديثه! ويزود هذا العجب إذا ما راجعنا صحيح مسلم " باب من لعنه النبي أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجرا ورحمة " فان مسلم قد فتح هذا الباب بحديث أم المؤمنين عائشة وقولها: دخل على رسول الله رجلان - إلى قولها -: إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة واجرا (2). وختمه بحديث ابن عباس: ان الرسول أرسله إلى معاوية وقال له: اذهب فادع لي معاوية قال: فجئت فقلت: هو يأكل فقال:
لا أشبع الله بطنه. اذن فهذا الدعاء من النبي على معاوية زكاة له واجر ورحمة وطهور لمعاوية ولأبيه أبي سفيان حينما قال رسول الله (ص) فيه وهو يقود أباه أبا سفيان: لعن الله القائد والمقود، ويل لامتي من معاوية ذي الأشباه (3).

(١) صحيح البخاري ج ٤ / ٣٨ كتاب الأدب باب لم يكن النبي (ص) فاحشا ولا متفحشا وراجع: ص ٣٩ منه باب ما ينهى من السباب واللعن و ج ٤ / ٦١ و ٦٧ كتاب الاستئذان باب كيف يرد على أهل المذمة عن أبي مليكة وعروة عن عائشة.
والسام: الموت.
(٢) صحيح مسلم ج ٨ / ٢٤ - ٢٧ وتيسير الوصول ج ٣ / ٢٩٢.
(٣) اخرج ابن سعد في طبقاته بترجمة نصر بن عاصم الليثي عن أبيه قال دخلت مسجد رسول الله (ص) وأصحاب النبي (ص) يقولون: نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، قلت:
ما هذا؟ قالوا: معاوية مر قبيل هذا اخذا بيد أبيه ورسول الله (ص) على المنبر فخرجا من المسجد فقال رسول الله (ص) فيهما قولا، ولم يصرح ابن سعد بقول رسول الله وإنما صرح به ابن الأثير في أسد الغابة وابن حجر في الإصابة بترجمة عاصم الليثي حيث قالا: روى عنه ابنه نصر أنه قال: دخلت مسجد النبي (ص) وأصحاب رسول الله يقولون: نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، قلت: مم ذاك؟ قالوا: إن رسول الله كان يخطب آنفا فقام رجل فأخذ بيد ابنه ثم خرجا، فقال رسول الله (ص): لعن الله القائد والمقود، ويل لهذه الأمة من فلان ذي الأشباه. ان ابن سعد ذكر اسم معاوية في الرواية ولم يذكر ما قاله الرسول صونا لكرامة معاوية وأبي سفيان، وابن الأثير وابن حجر ذكرا قول الرسول (ص) ولم يذكرا اسم القائد والمقود. راجع: طبقات ابن سعد ج ٧ / ٧٨ وأسد الغابة ج ٣ / ٧٦ والإصابة ج ٢ / 237 - 238 الترجمة 4355.
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»
الفهرست