وفي صحيح البخاري عن عائشة: ان يهودا أتوا النبي (ص) فقالوا: السام عليكم، فقالت عائشة: عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم. فقال النبي (ص):
مهلا يا عائشة عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش... الحديث (1).
ولا بد للنبي الذي يقول: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق أن يكون لينا عف اللسان ولو كان فظا غليظ القلب لانفضوا من حوله.
عجيب أمر هذه الأحاديث التي تحط من قدر النبي العظيم (ص) وتزيل كل ثقة به وبلعنه ودعائه وحديثه! ويزود هذا العجب إذا ما راجعنا صحيح مسلم " باب من لعنه النبي أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجرا ورحمة " فان مسلم قد فتح هذا الباب بحديث أم المؤمنين عائشة وقولها: دخل على رسول الله رجلان - إلى قولها -: إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة واجرا (2). وختمه بحديث ابن عباس: ان الرسول أرسله إلى معاوية وقال له: اذهب فادع لي معاوية قال: فجئت فقلت: هو يأكل فقال:
لا أشبع الله بطنه. اذن فهذا الدعاء من النبي على معاوية زكاة له واجر ورحمة وطهور لمعاوية ولأبيه أبي سفيان حينما قال رسول الله (ص) فيه وهو يقود أباه أبا سفيان: لعن الله القائد والمقود، ويل لامتي من معاوية ذي الأشباه (3).