ركب، واتبعه الناس يقولون: يا رسول الله! أقسم علينا فيأنا من الإبل والغنم، حتى ألجوه إلى شجرة فاختطفت عنه رداءه، فقال: ردوا علي ردائي أيها الناس!
فوالله ان لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ثم ما لقيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذوبا... الحديث (1).
ولم نقل ما قلنا اعتباطا وإنما عرفنا ذلك مما قاله الذهبي (ت 748 ه) حيث قال: قلت: لعل هذه منقبة لمعاوية لقول النبي (ص): اللهم من لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة (2).
وجاء بعده ابن كثير (ت 774 ه) وقال دونه: انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه واخراه. وهذا لفظ أبن كثير: عن ابن عباس، قال: كنت ألعب مع الغلمان فإذا رسول الله (ص) قد جاء، فقلت: ما جاء إلا إلي، فاختبأت على باب فجاءني فخطاني خطاة أو خطاتين ثم قال: اذهب فادع لي معاوية - وكان يكتب الوحي - قال: فذهبت فدعوته له، فقيل: إنه يأكل. فأتيت رسول الله (ص) فقلت: إنه يأكل، فقال: اذهب فادعه، فأتيته الثانية فقيل: إنه يأكل، فأخبرته، فقال في الثالثة: لا أشبع الله بطنه. قال: فان شبع بعدها. وقد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه وأخراه. أما في دنياه، فإنه لما صار إلى الشام أميرا كان يأكل في اليوم سبع مرات يجاء بقصعة فيها لم كثير وبصل فيأكل منها، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم، ومن الحلوى والفاكهة شيئا كثيرا، ويقول: والله ما أشبع وإنما أعيا، وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها كل الملوك. وأما في الآخرة فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري وغيرهما من غير وجه عن جماعة من الصحابة، أن رسول الله (ص) قال: اللهم إنما أنا بشر فأيما عبد سببته أو جلدته أو