إبليس كتب الصادق (ع) إلى جماعة من شيعته، إياكم والعظمة والكبر، فإن الكبر رداء الله، فمن نازع رداء الله قصمه الله وأذله يوم القيامة، ولما كان الكبر والفخر ممقوت عند الله احترز عنها أنبياء الله، والخضوع ممدوحة ائتزر بها أولياء الله، ولما تواضعوا وخضعوا رفعهم الله في الدنيا والآخرة (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا).
توضع إذا ما شئت في الناس رفعة * فان رفيع الناس من يتواضع ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعا * فكم تحتها قوم هم منك ارفع ولما كان نبينا (ص) أشد الناس تواضعا رفعه الله رفعة لا يدانيه أحد في الرفعة وقال تعالى: (ورفعنا لك ذكرك) ولذا لما قال يزيد لعنه الله لعلي بن الحسين (ع): أينا غلب على صاحبه نحن أو أنتم؟ فقال (ع) إذا كان وقت الصلاة أذن وأقم - يعني الغلبة لمن لا يجوز لك، ولا لاحد من المسلمين أن يصلي إلا ويبدء ويتكلم باسمه الشريف ويذكره بالرفعة.
أقول: يا للعجب يصلي عن المبعوث من آل هاشم، ويعزى بنوه إن ذا لعجيب.
مقدمة عن مواعظ (البحار) روى أن عيسى بن مريم قال لامه: يا أماه إني وجدت مما علمني الله هذه الدار دار فناء وزوال، والآخرة هي التي لا تخرب أبدا، تعالى أجيبيني يا أماه نأخذ ن هذه الدنيا الفانية إلى الآخرة الباقية، فانطلقا إلى جبل لبنان، وكانا فيه يصومان النهار ويقومان الليل، ويأكلان من ورق الأشجار، ويشربان من ماء الأمطار فمكثا في ذلك زمانا طويلا، ثم إن عيسى هبط ذات يوم من الجبل إلى الوادي يلتقط الحشيش والبقول لافطارهما، فلما هبط عيسى نزل ملك الموت على مريم وهي معتكفة في محرابها فقال: السلام عليك فغشى عليها ثم أفاقت، فقالت: من أنت يا عبد الله فقد اقشعر من صوتك جلدي، وارتعدت فرائصي وطار عقلي! فقال: أنا الذي لا أرحم الصغير لصغر سنه، ولا أوقر الكبير لكبره، أنا الذي لا استأذن على الملوك ولا أهاب الجبابرة أنا مخرب الدور والقصور، وعامر القبور، والمفرق بين الجماعات والاخوة والأخوات والاباء والأمهات، أنا قابض الأرواح، أنا ملك الموت.